تنوير العقول لابن أبي نبهان تحقيق؟؟

ابن أبي نبهان الخروصي ت. 1263 هجري
138

تنوير العقول لابن أبي نبهان تحقيق؟؟

تصانيف

فإن قلت قال بعض أصحابنا أن تصديق شهرة قتل عيسى ابن مريم [56/أ] لا يجوز ، وهي شهرة توجب البراءة من أهل البراءة ، فأقول لا يجوز على من قامت عليه الحجة من كتاب الله ، أو من لسان نبي ، أو ممن تقوم به الحجة في الفتيا، و إلا فهم في حكم العقاب عليهم قاتلوه ؛ لأنهم معتمدون قتله ، فكيف لا يحكم عليهم بعقاب القاتل ، وليس قتل الأنبياء مما لا يجوز تصديقه ، بل قال تعالى : " فلم تقتلون أنبياء الله من قبل " (¬1) أي تتولون قاتلهم ، ومن صدق ذلك قبل قيام الحجة عليه بالسماع [100/ج]أنهم لم يقتلوه لم يهلك بذلك ، و إن لم يأته كذلك فالحق كذلك ، وإنما أخبرنا الله بحقيقة الأمر فيه ، وذلك أنه كان النبي عيسى في بيت يهودي وهم يريدون قتله ، فقال لهم صاحب البيت هو معي فذهبوا معه إلى بيته فنظرهم عيسى عليه السلام ، وخرج عنهم ، ولم يعلموا به ، فصور الله تعالى صاحب البيت على صورة عيسى عليه السلام ، فقتلوه ثم شكوا في[107/ب] قتله ، فقالوا إن كنا قتلنا عيسى فأين صاحب البيت ، وان كنا قتلنا صاحب البيت فأين عيسى فصاروا في شك من ذلك ، وليت شعري هل ظهر عيسى بعد ذلك مع أحد غيرهم من أنصاره أم أماته الله بعد ذلك .

فهذه الأصول الستة هي أصول الدين ، ومنها كان افتراق الأمة على مذاهب شتى ، ومنها هلك أهل كل مذهب ضل فيها ، ولم يكن له عذر هنالك ، ولا يجوز الاختلاف في هذه الأصول ، ولا الاختلاف في هلاك أهلها في مذهب أهل الاستقامة في الدين .

فإن قلت : إن القاضي إذا حكم بالأهزل ، وهو يرى الأعدل أنه يهلك ؟، فالجواب: أن ذلك داخل في معاني قولنا في الحالة الخامسة أنه مما يهلك به مخالفته للحق بعد قيام الحجة عليه بمعرفته ؛ لأن الحكم عليه لازم بما رآه أنه هو الأعدل ، وهو الحق معه وبرؤيته له قد قامت عليه الحجة بمعرفته .

¬__________

(¬1) سورة البقرة:91.

صفحة ١٣٩