تنبيه العطشان على مورد الظمآن في الرسم القرآني
تصانيف
قوله : (( الأنام )) ، الأنام هم الخلق . قال تعالى : { والأرض وضعها للأنام }(¬1)، أي للخلق .
قوله : (( ليقتدى )) الاقتداء : هو الاتباع . قال الله تعالى : { فبهداهم اقتده }(¬2)، وقال - أيضا - : { وإنا على ءاثارهم مقتدون }(¬3).
وهاهنا خمسة ألفاظ : الاتباع ، والاقتفاء ، والاقتداء ، والافتقار ، والتأسي ، وهي كلها بمعنى واحد ، ومعناها : تتبع(¬4)الخبر المنقول ، والدخول في الأثر المعمول(¬5).
وقيل : الاقتفاء أبلغ(¬6)وآكد من الاتباع ؛ لأن الاتباع معناه : موافقة الأقوال والأفعال ، وقد يقع الإخلال في بعض الأحوال .
والاقتفاء معناه : ترك الإهمال والإخلال بسر حقائق الأفعال ، فمعنى قولهم : اقتفاء الأثر ، كناية عن المبالغة فيه ، وأخذ النفس بمطالعة أسراره وأغواره(¬7)، ومن هذا المعنى تسمية القافة لأهل المعرفة بأسرار الخلقة وتشبيه الجسوم بالمعاني الخفية يقال : قاف ويقوف قيافة يقفوا(¬8)، إذا اتبع وهو من المقلوب ، نحو : "جبذ" و"جذب" .
قوله : (( ليقتدى )) سكن الناظم الياء ، مع أن الفعل منصوب بلام ((كي)) ؛ لتعذر النظم بتحريكها ، وأيضا يجوز حذف الفتحة في حرف العلة في بعض اللغات ، كما يجوز حذف الضمة والكسرة ، ومنه قول النابغة :
ردت عليه أقاصيه ولبده ضرب الوليدة بالمسحاة في الثأد(¬9)
والثأد : هو المكان الندي .
صفحة ١٧٠