التمهيد لابن عبد البر
محقق
مصطفى بن أحمد العلوي، محمد عبد الكبير البكري
الناشر
وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية
مكان النشر
المغرب
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى مِنْ أَصْحَابِنَا لَسْنَا نَقُولُ أن المسند الَّذِي اتَّفَقَتْ جَمَاعَةُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَثَرِ فِي سَائِرِ الْأَمْصَارِ وَهُمُ الْجَمَاعَةُ عَلَى قَبُولِهِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ وَاسْتِعْمَالِهِ كَالْمُرْسَلِ الَّذِي اخْتُلِفَ فِي الْحُكْمِ بِهِ وَقَبُولِهِ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ بَلْ نَقُولُ إِنْ لِلْمُسْنَدِ مَزِيَّةَ فَضْلٍ لِمَوْضِعِ الِاتِّفَاقِ وَسُكُونِ النَّفْسِ إِلَى كَثْرَةِ الْقَائِلِينَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُرْسَلُ يَجِبُ أَيْضًا الْعَمَلُ بِهِ وَشَبَّهَ ذَلِكَ مِنْ مَذْهَبِهِ بِالشُّهُودِ يَكُونُ بَعْضُهُمْ أَفْضَلَ حَالًا مِنْ بَعْضٍ وَأَقْعَدَ وَأَتَمَّ مَعْرِفَةٍ وَأَكْثَرَ عَدَدًا وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ عَدْلَيْنِ جَائِزَيِ الشَّهَادَةِ وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ يُوجِبُ الْعَمَلَ وَلَا يَقْطَعُ الْعُذْرَ وَمِمَّنْ كَانَ يَقُولُ هَذَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أسحاق بن خوازبنداذ الْبَصْرِيُّ الْمَالِكِيُّ وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَإِنَّهُمْ يَقْبَلُونَ الْمُرْسَلَ وَلَا يَرُدُّونَهُ إِلَّا بِمَا يَرُدُّونَ بِهِ الْمُسْنَدَ مِنَ التَّأْوِيلِ وَالِاعْتِلَالِ عَلَى أُصُولِهِمْ فِي ذَلِكَ وَقَالَ سَائِرُ أَهْلِ الْفِقْهِ وَجَمَاعَةُ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ فِي كُلِّ الْأَمْصَارِ فِيمَا عَلِمْتُ الِانْقِطَاعُ فِي الْأَثَرِ عِلَّةٌ تَمْنَعُ مِنْ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ وَسَوَاءٌ عَارَضَهُ خَبَرٌ مُتَّصِلٌ أَمْ لَا وَقَالُوا إِذَا اتَّصَلَ خَبَرٌ وَعَارَضَهُ خَبَرٌ مُنْقَطِعٌ لَمْ يُعَرَّجْ عَلَى الْمُنْقَطِعِ مَعَ الْمُتَّصِلِ وَكَانَ الْمَصِيرُ إِلَى الْمُتَّصِلِ دُونَهُ
1 / 5