يليه القسم الثاني: النص المحقق
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وخاتم النبيين وآله وصحبه وجنده وحزبه وبعد:
فيقول الفقير إلى عفو الله وكرمه عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل غفر الله له ذنوبه وستر عيوبه: هذه أحاديث نبوية ووصايا مصطفوية، جمعتها رجاء أن ينفعني الله بها وكل (¬1) من وقف عليها بفضل الله ومنه، إنه الجواد الكريم الرءوف الرحيم.
الحديث الأول
صفحة ١٤
أخرج البيهقي (¬2)، عن أبي ذر، قال: قلت: يا رسول الله! أوصني، قال: " أوصيك بتقوى الله؛ فإنه أزين لأمرك كله، قلت: زدني، قال: عليك بتلاوة القرآن وذكر الله؛ فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض، قلت: زدني! قال: عليك بطول الصمت؛ فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك، قلت: زدني! قال: إياك وكثرة الضحك؛ فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه، قلت: زدني! قال: قل الحق وإن كان مرا، قلت: زدني! قال: لا تخف في الله لومة لائم، قلت: زدني! قال: ليحجزك (¬1) عن الناس ما تعلم من نفسك ".
الحديث الثاني:
أخرج ابن السنى (¬2)، عن عثمان بن موهب مولى بني هاشم، قال: سمعت أنس بن مالك، يقول: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم لفاطمة، [رضي الله عنها] (¬3): " ما يمنعك أن تسمعيني ما أوصيتك؟! تقولين إذا أصبحت وإذا أمسيت: يا حي يا قيوم! برحمتك أستغيث - زاد هارون - أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".
الحديث الثالث:
أخرج أحمد (¬4)، عن أبي ذر، قال: قلت: يا رسول الله! أوصني! قال: " إذا عملت سيئة؛ فاتبعها حسنة "، قال: قلت: أمن الحسنة لا آله إلا الله؟! قال: " هي أفضل الحسنات ".
الحديث الرابع:
أخرج أبو داود (¬5)، والنسائي (¬6)، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أخذ بيد معاذ، وقال: " والله يا معاذ! إني لأحبك، فأوصيك أن لا تدعن دبر كل صلاة، أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ".
الحديث الخامس:
أخرج ابن السنى (¬7)، في عمل اليوم والليلة، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى رجلا إذا أخذ مضجعه أن يقرأ سورة الحشر، وقال: " إن مت؛ مت شهيدا ".
الحديث السادس:
صفحة ١٥
أخرج البخاري، في صحيحه (¬8)، عن البراء، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أوصى رجلا فقال: " إذا أردت مضجعك فقل: اللهم أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجات ظهري إليك رغبة ورهبة إليك، لا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك، أمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك [الذي] (¬1) ... أرسلت ".
الحديث السابع:
أخرج ابن سعد (¬2) وأحمد (¬3)، عن [ضرغامة] (¬4) بن عليبة بن حرملة العنبري، قال: حدثني أبي، [عن أبيه] (¬5) قال: أتيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! أوصني؟! قال: " أتق الله، فإذا كنت في مجلس فقمت منه فسمعتهم يقولون ما يعجبك فأته، وإذا سمعتهم يقولون ما تكره فاتركه ".
الحديث الثامن:
أخرج ابن أبي الدنيا، في كتابه الإخلاص (¬6)، وابن أبي حاتم (¬7)، والحاكم، وصححه (¬8)، والبيهقي في الشعب (¬9) عن معاذ بن جبل [رضي الله عنه] (¬10)، قال لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين بعثه إلى اليمن: أوصني؟! قال: " أخلص دينك؛ يكفك القليل من العمل ".
الحديث التاسع:
أخرج الحاكم وصححه (¬11)، عن ابن عباس [رضي الله عنهما] (¬12)، قال: قلت: يا رسول الله! أوصني؟! قال: " أقم الصلاة، وأد الزكاة، وصم رمضان، وحج البيت، وأعتمر، وبر والديك، وصل رحمك، وأقر الضيف، وأمر بالمعروف، وأنه عن المنكر، وزل مع الحق حيث زال (¬13) ".
الحديث العاشر:
أخرج البخاري (¬14)، ومسلم (¬15)، وأبو داود (¬16)، الترمذي (¬17)، والنسائي (¬18)، عن أبي هريرة، وأبي الدرداء كلاهما، قال: أوصاني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بثلاث لا أدعهن في سفر ولا حضر: صوم ثلاث أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام "
صفحة ١٦
وأخرج الأصفهاني (¬1)، في الترغيب، عن أنس، قال: أوصاني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال:
" يا أنس! صل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين (¬2) ".
الحديث الحادي عشر:
أخرج الطبراني (¬3)، وابن حبان في صحيحه (¬4)، واللفظ له، عن أبي ذر، قال: أوصاني خليلي، صلي الله عليه وسلم، بخصال من الخير: أوصاني أن لا أنظر إلى من هو فوقي، وأن أنظر إلى من هو دوني، وأوصاني بحب المساكين والدنو منهم، وأوصاني أن أصل رحمي وإن أدبرت، وأوصاني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأوصاني أن أقول الحق ولو على نفسي وإن كان مرا، وأوصاني أن أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها كنز من كنوز الجنة ".
الحديث الثاني عشر:
أخرج الطبراني (¬5) عن أبي سلمه [رضي الله عنه] (¬6)، قال: قال معاذ: قلت: يا رسول الله! أوصني؟! قال: " اعبد الله (¬7) كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى، وأذكر الله عند كل حجر وشجر، وإذا عملت سيئة؛ فاعمل بجنبها حسنة، السر بالسر والعلانية بالعلانية ".
الحديث الثالث عشر:
أخرج البخاري (¬8)، عن أبي هريرة، أن رجلا، قال للنبي، صلى الله عليه وسلم، أوصني؟! قال: " لا تغضب، فردد مرارا، قال: لا تغضب ".
وأخرج الحكيم الترمذي، في نوادر الأصول (¬9)، والبيهقي (¬10)، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، قال: قلت: يا رسول الله! أخبرني بوصية قصيرة فألزمها، قال: " لا تغضب يا معاوية بن حيدة؛ إن الغضب ليفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل".
الحديث الرابع عشر:
صفحة ١٧
أخرج الحاكم (¬11)، وصححه، والبيهقي (¬12)، وأحمد في الزهد (¬13)، عن سعد بن أبي وقاص، قال: أتى رجل رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أوصني، وأوجز؟! فقال: " عليك باليأس مما في أيدي الناس، وإياك والطمع؛ فإنه فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه ".
الحديث الخامس عشر:
أخرج البخاري، في تاريخه (¬1)، وابن أبي الدنيا، في الصمت (¬2)، والبيهقي (¬3)، عن أسود بن أصرم المحاربي، قال: قلت: يا رسول الله! أوصني؟! قال: " هل تملك لسانك؟! قلت: فما أملك إذا لم أملك لساني!، قال: " فهل تملك يدك؟! قلت: فما أملك إذا لم أملك يدي! قال: " فلا تقل بلسانك إلا معروفا، ولا تبسط بيدك إلا إلى خير ".
الحديث السادس عشر:
اخرج أبو يعلي (¬4)، عن عبد الله بن مسعود، قال: جاء رجل إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: أوصني، فقال: " دع قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال (¬5) ".
الحديث السابع عشر:
أحرج الأصفهاني، في الترغيب (¬6)، عن أنس [رضي الله عنه] (¬7)، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يا أنس! إن حفظت وصيتي؛ فلا يكونن شيء أحب إليك من الموت ".
الحديث الثامن عشر:
أخرج الطبراني (¬8)، عن أم أنس قالت: قلت: يا رسول الله! أوصني؟! قال: أهجري المعاصي؛ فإنها أفضل الهجرة، وحافظي على الفرائض؛ فإنها أفضل الجهاد، وأكثري من ذكر الله؛ فإنه لا يؤتى الله بشيء أحب إليه من ذكره ".
الحديث التاسع عشر:
صفحة ١٨
أخرج محمد بن نصر المروزي (¬9)، والطبراني (¬10)، عن عبادة بن الصامت، قال: أوصاني خليلي بسبع خصال، قال: " لا تشركوا بالله شيئا وأن قطعتم أو حرقتم أو صلبتم، ولا تتركوا الصلاة متعمدين؛ فمن تركها متعمدا فقد خرج من الملة، ولا تركبوا المعصية؛ فإنها تسخط الله، ولا تشربوا الخمر؛ فإنها رأس الخطايا كلها، ولا تفروا من الموت، وإن كنتم فيه، ولا تعص والديك؛ وإن أمراك برمي الدنيا كلها فاطرحها، ولا تضع عصاك عن أهلك وأنصفهم من نفسك ".
الحديث العشرون:
أخرج البزار (¬1)، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " ألا أخبركم بوصية نوح ابنه؟! قالوا: بلى، قال: " أوصى نوح ابنه، فقال: يا بني أني موصيك باثنتين، وأنهاك عن اثنتين، أوصيك بلا إله إلا الله؛ فإنها لو وضعت في كفة ووضعت السموات والأرض في كفة لرجحت بهن، ولو كانت حلقة لقصمتهن حتى تخلص إلى الله، وبقول سبحان الله العظيم وبحمده، فإنها عبادة الخلق، وبها تقع أرزاقهن، وأنهاك عن اثنتين الشرك والكبر؛ فإنهما يحجبان عن الله، قال: فقيل: يا رسول الله! أمن الكبر أن يتخذ الرجل الطعام فيكون الجماعة عليه، أو يلبس [القميص النظيف] (¬2)؟! قال: ليس [ذلك] (¬3) _ يعني الكبر _ إنما الكبر من يسفه الحق ويغمص (¬4) الناس".
الحديث الحادي والعشرون:
أخرج الخرائطي (¬5)، والبيهقي (¬6)، وأبو نعيم (¬7)، أنه صلى الله عليه وسلم، قال لمعاذ: " أوصيك بتقوى الله،
وصدق الحديث، ووفاء العهد، وأداء الأمانة، وترك الخيانة، وحفظ الجار، ورحمة اليتيم، ولين الكلام، وبذل السلام، وخفض (¬8) الجناح ".
الحديث الثاني والعشرون:
صفحة ١٩
أخرج الترمذي (¬9) وحسنه، والنسائي (¬10)، وابن ماجه (¬11)، والحاكم (¬1) وصححه، عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد سفرا، فقال: أوصني، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أوصيك بتقوى الله والتكبير على [كل] (¬2) شرف، فلما مضى قال: اللهم أزو له الأرض وهون عليه السفر ".
الحديث الثالث والعشرون:
أخرج الطبراني (¬3)، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أوصيك بتقوى الله؛ فإنه رأس الأمر كله، عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله؛ فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض، عليك بطول الصمت إلا من خير (¬4)؛ فإنه مطردة للشيطان عنك، وعون لك على أمر دينك، وإياك وكثرة الضحك؛ فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه، عليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية أمتي، أحب المساكين وجالسهم، وأنظر إلى من تحتك، ولا تنظر إلى من فوقك؛ فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك، صل قرابتك وإن قطعوك، قل الحق ولو كان مرا، لا تحف في الله لومة لائم، ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك، ولا تجد عليهم فيما تأتي، وكفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلاث خصال: أن يعرف من الناس ما يجهل من نفسه، ويستحى لهم مما هو فيه، ويؤذي جليسه، يا أبا ذر لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق ".
الحديث الرابع والعشرون:
صفحة ٢٠
أخرج أبو داود (¬5)، والترمذي (¬6)، عن أبي نجيح العرباض بن سارية، قال: وعظنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا: يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا؟! قال: " أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة ".
الحديث الخامس والعشرون:
أخرج البيهقي في الدلايل (¬1) عن أم سلمه [رضي الله عنها] (¬2) قالت: كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موتة: "الصلاة الصلاة، وما ملكت (¬3) أيمانكم "، حتى تلجلجها في (¬4) صدره، وما يفيص (¬5) به لسانه ".
الحديث السادس والعشرون:
أخرج الإمام أحمد (¬6)، والطبراني في الكبير (¬7)، عن معاذ [رضي الله عنه] (¬8)، قال: أوصاني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بعشر كلمات قال: " لا تشرك بالله، وإن قتلت وحرقت، ولا تعص والديك، وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك، ولا تتركن الصلاة متعمدا، فمن ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه الذمة، ولا تشربن خمرا فإنه رأس كل فاحشة، وإياك والمعصية؛ فإن المعصية تحل سخط الله، وإياك والفرار من الزحف؛ وإن هلك الناس، وإن أصاب الناس موت فاثبت، وأنفق على أهلك من طولك، ولا ترفع عصاك أدبا، وأخفهم في الله عز وجل ".
الحديث السابع والعشرون:
أخر الديلمي (¬9)، عن سمرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " أوصيكم بتقوى الله، والقرآن؛ فإنه [نور] (¬10) الظلمة ".
الحديث الثامن والعشرون:
أخرج الديلمي (¬11)، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " أوصيك بتقوى الله، وأن تمت وأنت خفيف الظهر ".
الحديث التاسع والعشرون:
أخرج أحمد (¬12)، وأبو يعلي (¬13)، عن أبي سعيد الخدري، أن رجلا جاءه فقال:
صفحة ٢١
أوصني فقال: " سألتني عما سألت عنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من قبلك، أوصيك بتقوى الله فإنه رأس كل شيء، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله، وتلاوة القرآن، فإنه روحك في السماء وذكرك في الأرض ".
وفي رواية، جاء رجل إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: أوصني؟! فقال: " عليك بتقوى الله، فإنه جماع كل خير " فذكر نحوه، وزاد: "وأخزن لسانك إلا من خير فإنك بذلك تغلب الشيطان ".
الحديث الثلاثون:
أخرج الطبراني (¬1)، عن أبي الدرداء، قال: " أوصاني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بسبع: لا تشرك بالله شيئا؛ وإن قطعت أو حرقت، ولا تترك الصلاة متعمدا، فإنه من تركها فقد برئت منه الذمة، ولا تعص والديك؛ وإن أمراك أن تخرج من الدنيا؛ فأخرج منها، ولا تنازع الأمر أهله، ولا تفرن من الزحف؛ وإن هلكت وفر أصحابك، وأنفق على أهلك من طولك (¬2)، ولا ترفع عنهم العصا، وأخفهم في الله ".
الحديث الحادي والثلاثون:
أخرج ابن حبان في صحيحه (¬3) والحاكم (¬4) والطبراني (¬5) بسند رواته ثقات، أن معاذ بن جبل [رضي الله عنه] (¬6) أراد سفرا فقال: يا رسول الله أوصني؟! فقال: " اعبد الله ولا تشرك به شيئا "، قال: يا رسول الله زدني؟! قال: " إذا أسأت فأحسن، وليحسن خلقك للناس ".
الحديث الثاني والثلاثون:
أخرج أحمد (¬7)، بسند حسن، أنه، صلى الله عليه وسلم، قال لأبي ذر: " أوصيك بتقوى الله في سرك وعلانيتك، وإذا أسأت فأحسن، ولا تسألن أحدا شيئا؛ وإن سقط سوطك، ولا تقبض أمانة، ولا تقض بين أثنين ".
صفحة ٢٢
الحديث الثالث والثلاثون:
أخرج الطبراني (¬1)، عن أميمة مولاة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قالت: كنت أصب على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وضوئه فدخل رجل فقال: أوصني؟! قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت وحرقت بالنار، ولا تعص والديك؛ وإن أمراك أن تخلى من أهلك ودنياك [فتخله] (¬2)، ولا تشربن الخمر فإنها مفتاح كل شر، ولا تتركن الصلاة متعمدا، فمن فعل ذلك؛ برئت منه ذمة الله وذمة رسوله، ولا تفرن يوم الزحف، فمن فعل ذلك؛ باء بسخط الله، ومأواه جهنم وبئس المصير، ولا تزدادن في تخوم (¬3) أرضك، فمن فعل ذلك؛ يؤتى به يوم القيامة على رقبته من مقدار سبع أرضين، وأنفق على أهلك من طولك، ولا ترفع عصاك عنهم، وأخفهم في الله ".
الحديث الرابع والثلاثون:
أخرج ابن عساكر (¬4)، عن أبي ذر، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " أي أخي! إني موصيك بوصية؛ فأحفظها لعل الله أن ينفعك بها: زر القبور؛ فإنها تذكر بالآخرة بالنهار أحيانا ولا تكثر، واغسل الموتى فإن معالجة جسد خاو (¬5) موعظة بليغة، وصل على الجنائز لعل ذلك يحزن قلبك، فإن الحزين في ظل الله معرض لكل خير، وجالس المساكين وسلم عليهم إذا لقيتهم، وكل مع صاحب البلاء تواضعا لله وإيمانا به، والبس الخشن الضيق من الثياب؛ لعل العز والكبرياء (¬6) لا يكون لهما فيك مساغ، وتزين أحيانا لعبادة ربك؛ فإن المؤمن كذلك يفعل تعففا وتكرما وتجملا، ولا تعذب شيئا مما خلق الله بالنار ".
الحديث الخامس والثلاثون:
صفحة ٢٣
أخرج الطبراني (¬7)، عن عبد الله بن مسعود، قال: " أوصاني رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن أصبح يوم صومي دهينا مترجلا، قال: ولا تصبح يوم صومك عبوسا، وأجب دعوة من دعاك من المسلمين ما لم يظهر المعازف فلا تجبهم، وصل على من مات من أهل قبلتنا، وإن قتل مصلوبا أو مرجوما، ولأن تلقى الله بمثل قراب (¬1) الأرض ذنوبا؛ خير لك من أن تبت (¬2) الشهادة على أحد من أهل قبلتنا ".
الحديث السادس والثلاثون:
أخرج أبو يعلى (¬3)، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " أوصيك يا أبا هريرة! بخصال أربع: لا تدعهن أبدا ما بقيت: عليك بالغسل يوم الجمعة، والبكور إليها، ولا تلغ ولا تله، وأوصيك بصيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ فإنه صيام الدهر، وأوصيك بالوتر قبل النوم، وأوصيك بركعتي الفجر لا تدعهما، وإن صليت الليل كله فإن فيهما الرغائب (¬4) ".
الحديث السابع والثلاثون:
أخرج أحمد (¬5)، وأبو داود (¬6)، والنسائي (¬7)، عن رجل من بلهجيم (¬8)، قال: قلت: يا رسول الله أوصني، قال: " إياك وإسبال الإزار؛ فإن إسبال الإزار من المخيلة (¬9)، وإن الله لا يحب المخيلة ".
الحديث الثامن والثلاثون:
أخرج ابن سعد (¬10)، وابن أبي شيبة (¬11)، عن شداد بن دأوس، قال: " زوجوني، فإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم أوصاني أن لا ألقى الله عزبا".
الحديث التاسع والثلاثون:
أخرج الديلمي (¬12)، عن علي بن أبي طالب [رضي الله عنه] (¬13)، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " أوصيك يا علي لا تشرك بالله شيئا؛ وأن قطعت ".
الحديث الأربعون:
صفحة ٢٤
أخرج الطبراني (¬14)، والبيهقي (¬15)، عن أبي سعيد بن زيد، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " أوصيك أن تستحي من الله كما تستحي رجلا صالحا من قومك ".
الحديث الحادي والأربعون:
أخرج الطبراني، في الصغير (¬1)، عن أبي سعيد، قال: جاء رجل إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أوصني، قال (¬2): " عليك بتقوى الله فإنها جماع كل خير".
الحديث الثاني والأربعون:
أخرج الأمام أحمد (¬3)، والبخاري، في التاريخ (¬4)، عن جرموز بن أوس، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " أوصيك أن لا تكون لعانا ".
الحديث الثالث والأربعون:
أخر البخاري (¬5)، ومسلم (¬6)، والترمذي (¬7)، والنسائي (¬8)، عن طلحة بن مصرف، قال: " سألت ابن أبي أوفى،
هل أوصى النبي، صلى الله عليه وسلم؟، قال: لا، قلت: فكيف (¬9) كتب على الناس الوصية؟! أو أمروا بها ولم يوص، قال: أوصى بكتاب الله ".
صفحة ٢٥
خاتمة، نسأل الله حسن الخاتمة أخرج الترمذي (¬1)، وحسنه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم (¬2)، والطبراني (¬3)، وأبو الشيخ، وابن مردوية (¬4)، والبيهقي في شعب الإيمان (¬5)، عن ابن مسعود، قال: " من سره أن ينظر إلى وصية محمد التي عليها خاتمه؛ فليقرأ هؤلاء الآيات: چ ? ... ? ? ? ? ? ? چ الى قوله تعالى: چ ? ? ? ? ? چ الأنعام: 151.
وليكن هذا آخر ما أردت جمعه من الوصايا النبوية على قائلها أفضل الصلاة والسلام، والله أسأل أن ينفعني بها ومن وقف عليها في الدارين بمنه وفضله وحوله وطوله، ولا حول ولا قوة إلا به، وهو حسبي ونعم والوكيل، سبحان ربك رب العزة على ما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين (¬6).
صفحة ٢٦