وكان بها بنو السّديد: بيت رياسة ووجاهة، واشتغال بالعلم، وتولّى المناصب الدّينية، وبنو الخطيب: بيت رياسة ووجاهة واشتغال بالعلم، وشهرة بالدّيانة، وبنو أشواق: بيت فضيلة وأدب، ومكارم ورتب، وبنو النّضر: رؤساء أعيان، وهم الذين بنوا جامع الخطبة بها بعد العشرين وأربعمائة، وبنى الزيادة التى فيه علىّ ابن محمد/- منهم- فى سنة تسع وخمسين وأربعمائة، وكان إذ ذاك ناظر الأحباس بقوص (^١)، والأنجب أبو الفرج منهم، كان مضاهى (^٢) ابن حسّان فى الرّئاسة والوجاهة.
غير أنّ الشرّ يغلب [الخير] فيها، والتسامح فى الشهادة ينسب إليها، وهى ضدّ المدينة [المنوّرة] النبويّة؛ فإنّ تلك تنفى خبثها، وهذه يخرج عنها خيارها، قلّ ما يظهر بها عالم أو صالح إلّا انتقل عنها وسكن غيرها (^٣)، وفيها يقول الشمس الرّومىّ:
ستخرب أرض أسنا عن قريب … وتزعق فى أزقّتها الذئاب
ففى شرقيّها بوم كبير … وفى غربيّها سكن (^٤) الغراب
يشير إلى رئيسين بهما (^٥) سمر الألوان.
وكان التشيّع بها فاشيا، والرّفض (^٦) [بها] ماشيا، فجفّ (^٧) حتى خفّ،
_________
(^١) فى د وب: «بالأعمال القوصية».
(^٢) فى د وب: «يضاهى».
(^٣) انظر فى هذا أيضا ابن دقماق: الانتصار ٥/ ٣٠.
(^٤) فى ز: «زعق الغراب».
(^٥) الضمير لشرقى أسنا وغربيها، وقد سقطت العبارة من ز، وفى س: «بها» بجعل الضمير لأسنا.
(^٦) سقط «والرفض بها ماشيا» من ا وج وز، والرفض: هو التشيع، والأصل فيه:
«رفض» أتباع الإمام زيد بن على بن الحسين لمقالته: «جواز إمامة المفضول مع قيام الأفضل» وامتناعه عن سب الشيخين، فلقبوا من أجل ذلك بالرافضة أو بالروافض، ثم تجوز فى الاستعمال حتى صارت كلمة «الرفض» تطلق على التشيع عامة، وكلمة «الرافضة» أو «الروافض» تطلق على الشيعة جميعا؛ انظر كتابنا: المهدية فى الإسلام/ ١٠٧ وما بعدها.
(^٧) فى ج: «حتى حف»، وفى ا: «فخف حتى محق».
1 / 38