فإن قيل: ما أنكرتم أن تكون هذه المعصية تسقط وجوب تلك القربة، فإن مثله قد يوجد، ألا ترى أن من قطع رجل نفسه، يسقط عنه وجوب القيام في الصلاة، وكذلك من أدى زكاته في الصلاة المفروضة قاطعا لها يكون عاصيا، ومع ذلك يسقط عنه وجوب الزكاة.
قيل له: لسنا نقول إن ذلك مستحيل أن يرد به الشرع على الحد الذي سألت عنه، أو تتعلق به المصالح، لكنا نقول: إن الأصل امتناع ذلك، والقائل به يحتاج إلى دليل شرعي، ولم تدل الدلالة على أن هذه المعصية أسقطت وجوب تلك القربة، فوجب القضاء ببقاء وجوب تلك القربة على ما كانت.
وأيضا فإنه مقيس على الماء النجس في أنه لا يجوز التطهر به؛ بعلة أن المتطهر به ممنوع من التصرف فيه، فكذلك الماء المغصوب.
فإن قاسوه على الماء الذي ليس بمغصوب كان قياسنا مرجحا، للنقل؛ لأنه ينقل الماء عما كان عليه، إذ من شان الماء أنه يقع به التطهر، وكان أيضا مرجحا بالحظر والاحتياط.
صفحة ٦٢