قيل له: نحن نخص ذلك بالأخبار التي رويناها، ونقول: كأنه صلى الله عليه وآله وسلم، قال: الوضوء مما خرج من السبيلين، ومن القيء الذارع، والدم السائل، ألا ترى أنه لم يذكر فيه النوم؟ والنوم على بعض الوجوه ناقض للطهارة بالإجماع، ومس الذكر عندهم ينقض الطهارة، وكذلك مس المرأة، فلا بد لهم من ترتيب الأخبار على ما رتبناه وبيناه.
فإن قيل: نتأول ما ذكرتم من الأخبار على غسل الموضع؛ لأن غسل العضو يعبر عنه بأنه وضوء.
ومنه روي: (( يستحب الوضوء قبل الطعام وبعده )).
قيل له: إن هذا الوضوء وإن أفاد في اللغة ما ذكرت؛ لأنه من الوضاءة، فإن الشرع قد اقتضى فيه أنه يفيد الطهارة المخصوصة/54/، واللفظة إذا أفادت في اللغة شيئا وفي الشرع سواه، وجب حملها متى وردت عن الله تعالى، وعن رسوله، على ما يفيد في الشرع، فإذا كان هذا هكذا، وجب حمل ما رويناه على ما ذهبنا إليه.
فإن قيل: روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مس بإبهامه أنفه، فوجد دما، فمسحه بيده وصلى، ولم يحدث طهورا.
قيل له: ذلك الدم كان يسيرا لا يسيل مثله، وعندنا أن ذلك القدر من الدم لا ينقض الطهارة، فليس فيه إفساد مذهبنا.
وهذا هو ما أخبرنا به محمد بن عثمان النقاش، حدثنا الناصر عليه السلام، حدثنا محمد بن منصور، حدثنا أحمد بن عيسى، عن حسين بن علوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد تطهر للصلاة، فأمس إبهامه أنفه، فإذا دم، فأعاد مرة أخرى فلم يرى شيئا، وجف ما في إبهامه، فأهوى بيده إلى الأرض، فمسحها ولم يحدث وضوءا، ومضى إلى الصلاة.
فقد صرح الخبر أن الدم كان يسيرا لا يسيل مثله.
فإن قيل: إنكم قضيتم بما رويتم من الخبر على ما رويناه من قوله صلى الله عليه وآله وسلم الوضوء من الخارج من السبيلين، وقضينا نحن بهذا الخبر على ما رويتم، فحملناه على غسل الموضع فقد استوينا فيه؟
صفحة ١١١