تجريد التوحيد المفيد

المقريزي ت. 845 هجري
43

تجريد التوحيد المفيد

محقق

طه محمد الزيني

الناشر

الجامعة الإسلامية

رقم الإصدار

١٤٠٩هـ/١٩٨٩م

مكان النشر

المدينة المنورة

منها غاية الإمكان، وإطراح الاهتمام بها، وعدم الاكتراث لما هو منها. ثم هؤلاء قسمان: فعوامّهم: ظنّوا أن هذا غاية، فشمّروا إليه وعملوا عليه، وقالوا: هو أفضل من درجة العلم والعبادة، ورأوا الزّهد في الدّنيا غاية كل عبادة ورأسها. وخواصهم: رأوا هذا مقصودًا لغيره، وأن المقصود به عكوف القلب على الله - تعالى -، والاستغراق في محبّته، والإنابة إليه، والتّوكل عليه، والاشتغال بمرضاته، فرأوا أفضل العبادات: دوام ذكره بالقلب واللسان. ثمّ هؤلاء قسمان: فالعارفون: إذا جاء الأمر والنّهي بادروا إليه، ولو فرّقهم وأذهب جمعهم. والمنحرفون منهم يقولون: المقصود من القلب جمعيّته، فإذا جاء ما يفرّقه عن الله لم يلتفتوا إليه، ويقولون: يطالب بالأوراد من كان غافلًا ... فكيف بقلب كل أوقاته ورد ثم هؤلاء - أيضا - قسمان: منهم: من يترك الواجبات والفرائض لجمعيّته. ومنهم: من يقوم بها ويترك السّنن والنّوافل، ويعلّم العلم النّافع لجمعيّته. والحق: أن الجمعيّة حظ القلب، وإجابة داعي الله حقّ الرّب، فمن آثر

1 / 47