حتى عاد جميع ذلك إلى أحسن ما كان، ووضع عن الناس الخراج سبع سنين.
فعمرت البلاد في أيّامه، وكثرت المياه، ودرّت معايش الناس، واستخرج بالسواد [١] نهرا، وسمّاه: الزاب، وبنى على حافتيه [٢] مدينة، وهي التي تسمى:
المدينة العتيقة، وكوّرها كورة [٣]، وجعلها ثلاث طساسيج [٤]: الزاب الأعلى، والزاب الأوسط، والزاب الأسفل، ونقل إليها بذور الرياحين وأصول الأشجار من الجبال. وزوّ هذا أوّل من عرف [٣٠] اتّخذ [٥] ألوان الطبيخ، وأصناف الأطعمة، وأعطى جنوده مما غنم بالخيل [٦]، ومما أوجف عليه من أموال الترك، وكان وزيره «كرساسف» من أولاد طوج بن أفريذون. وقد حكى أنّ زوّا وكرساسف [٧]، اشتركا في الملك. والصحيح من أمره أنّه كان وزيرا لزوّ ومعينا له. فكان جميع ملك زوّ ثلاث سنين.
[١] . السواد: رستاق من رساتيق العراق. وحدّ السواد على قول أبى عبيد: من حديثة الموصل طولا إلى عبّادان، ومن عذيب القادسية إلى حلوان عرضا، فيكون طوله مائة وستين فرسخا (يا) .
[٢] . مط: حافته.
[٣] . الكورة: لفظ فارسي معرّب، وأصله: «خوره» (خره): الناحية. البقعة التي يجتمع فيها قرى ومحال (فم، مو) .
[٤] . طساسيج: جمع مفرده: طسّوج، أى المحلة والناحية، وطسّوج تعريب ل «تسو» . وأصله في الفهلوية:
) LTasuk يد ٢: ٣٣٠) .
[٥] . مط: «أوّل من عرف اتخاذ» . أسلوب للكتابة عند مسكويه تجده في مواطن كثيرة من الكتاب، انظر مثلا: ص ٥١، ٥٩، ٦١.
[٦] . مط: الجبل.
[٧] . مط: كركاسب. بالأفستائية،keresaspa بالفهلوية) Karshasp:حب) .