فإن قال قائل: من البعيد أن يقضي لها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)بالصداق دون أن يكون سأل عنها، وعلى هذا فالظاهر أن السائل سأله قائلا: إن زوجها توفي ولم يفرض لها المهر، ولم يدخل بها، فسمعه معقل وسمع الجواب فرواه كما سمعه.
قلنا: هذا ظن وتخمين بلا مستند، والذي يقرب تقديره أنه سئل عن بروع بقول السائل: إن زوجها توفي ولم يفرض لها، فإن عدم الفرض يظهر لمن حضر عقد النكاح، فقد يشكل عليه حكم المهر لكون العادة والغالب ذكر المهر لاهتمام الناس به، فيبعثه ذلك على السؤال.
فإن قال قائل: فذلك دليل على لزوم المهر على كل حال.
قلنا: لا دليل في نفس السؤال، إذ يحتمل أن الوارث هو السائل، لأنه الذي تهمه القضية.. وأنه قال في سؤاله: في أن زوجها كان قد دخل بها.
فإن قال قائل: فكيف سمع معقل الجواب بلزوم الصداق ولم يسمع السؤال بذكر الدخول ؟
قلنا: من الجائز أن السائل خفض صوته عند رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)رعاية للأدب، أو للحذر من رفع الصوت المنهي عنه في قول الله تعالى: ] لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض [(1)[101]) وكان معقل مبتعدا قليلا لاشتغال المكان القريب بغيره من الحاضرين من كبار الصحابة وغيرهم، فلم يسمع معقل السؤال وسمع الجواب من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، لظهوره لقوته وفصاحته وحسن بيانه، فحمل الجواب على ما يعتقد.
صفحة ١٤٧