قيل أوجب ذلك إن أداه تنفيره إياه إلى هلاكه وكان تنفيره ذلك سبب عطبه كما أوجب عليه قطعه في شجره الجزاء إذ كان قطعه إياه سببا لموته وهلاكه فأما إن لم يكن تنفيره إياه سببا لهلاكه وعطبه أو هلاكا لشىء منه لم يكن بتنفيره شىء غير التوبة والندم
وقد حكى عن عطاء أنه كان يقول يطعم شيئا
26 وحدثنا ابن حميد قال حدثنا هرون عن عمرو عن الحجاج عن عطاء فيمن أخذ طائرا في الحرم ثم أرسله قال يطعم شيئا لما نفره
فإن فعل فاعل ما ذكرت ما قاله عطاء فمحسن مجمل غير أن ذلك غير واجب عليه عندنا
وقد روى عن عمر بن الخطاب رضوان الله عليه نحو القول الذى قلناه
27 حدثنا ابن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن الحكم عن شيخ من أهل مكة أن حماما كان على البيت فخرى على يد عمر رضى الله عنه فأشار بيده فطار فوقع على بعض بيوت مكة فجاءت حية فأكلته فحكم عمر كرم الله وجهه على نفسه بشاة
فلم ير عمر رحمه الله لما نفر الحمامة الواقعة على البيت بتنفيره إياها عليه شيئا حتى تلفت فلما تلفت وكان عنده أن سبب تلفها كان من تنفيره إياها ألزم نفسه جزاءها فجزاها
وذلك هو الحق وإنما استجاز عمر رضوان الله عليه تنفيره من الموضع الذى كان واقعا عليه مع علمه أن تنفير صيده غير جائز لأن الطائر الذى نفر ذرق على يده فكان له طرده عن الموضع الذى يلحقه أذاه في كونه فيه
صفحة ١٩