180

تهافت الفلاسفة

محقق

الدكتور سليمان دنيا

الناشر

دار المعارف

رقم الإصدار

السادسة

مكان النشر

القاهرة - مصر

مسألة في إبطال قولهم إن النفوس الإنسانية يستحيل عليها العدم بعد وجودها وأنها سرمدية لا يتصور فناؤها فيطالبون بالدليل عليه. ولهم دليلان: دليلهم الأول لا يكون بموت البدن أحدهما قولهم إن عدمها لا يخلوا إما أن يكون بموت البدن أو بضد يطرى عليها أو بقدرة القادر. وباطل أن تنعدم بموت البدن فإن البدن ليس محلًا لها بل هو آلة تستعملها النفس بواسطة القوى التي في البدن، وفساد الآلة لا يوجب فساد مستعمل الآلة إلا أن يكون حالًا فيها منطبعًا كالنفوس البهيمية والقوى الجسمانية، ولأن النفس فعلًا بغير مشاركة الآلة وفعلًا بمشاركتها فالفعل الذي لها بمشاركة الآلة التخيل والإحساس والشهوة والغضب فلا جرم يفسد بفساد البدن ويفوت بفواته، وفعلها بذاتها دون مشاركة البدن إدراك المعقولات المجردة عن المواد ولا حاجة في كونه مدركًا للمعقولات إلى البدن بل الاشتغال بالبدن يعوقها عن المعقولات، ومهما كان لها فعل دون البدن ووجود دون البدن لم تفتقر في قوامها إلى البدن. ولا بالضد وباطل أن يقال إنها تنعدم بالضد إذ الجواهر لا ضد لها، ولذلك

1 / 274