تفسير قوله تعالى: (لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا)
يقول الله ﵎: ﴿لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ﴾ [النور:١٢]: سبب نزول هذه الآية: أن أبا أيوب الأنصاري زيد بن خالد الأنصاري ﵁ وأرضاه- كان مع أم أيوب ﵂، فقالت له أم أيوب: (ألم تسمع ما قد قيل في عائشة؟ فقال: قد سمعت، ثم قال لها: أو تظنين ذلك، قالت: لا والله! قال لها: يا أم أيوب، لو قيل فيك ذلك أكنتِ فاعلة لذلك، قالت: معاذ الله! قال: فوالله! لـ عائشة خير منك، ﵁ وأرضاه) .
(لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا) أي: هلا إذ سمعتموه ظننتم الخير بالمؤمنين والمؤمنات.
قوله (المؤمنون) عائد إلى أبي أيوب ومن كان مثله ممن رد الكذب ولم يحتمل البهتان في أم المؤمنين ﵂.
وأما قوله: (وَالْمُؤْمِنَاتُ): فالمراد بهن أم أيوب ومن كان في حكمها؛ كـ زينب بنت جحش، فإنها كَذَّبْت ودافعت عن عائشة رضي الله عن الجميع.
وقوله: (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا) الأنفس: جمع نفس، وتطلق على عدة معانٍ، منها: الأخ، ومنه قوله تعالى: ﴿فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ﴾ [النور:٦١]، فهذا أحد الأقوال في تفسيرها كما سيأتي: أي على إخوانكم.
قوله تعالى: (ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا)، أي: ظنوا أن إخوانهم أبعد ما يكونون عن الشر وعن إصابة الفواحش والآثام إبقاءً للأصل والبراءة.
4 / 8