فنقول: إن الكرسي قد اشتمل على السموات والأرض حتى أحاط بما فوقهما وتحتهما، وأحاط بأقطارهما، فكانت السموات والأرض داخلتين في الكرسي، فصار مثل الكرسي لإحاطته بالسموات والأرض كمثل البيضة المشتملة على الفرخ في جوفها، فالبيضة مشتملة على هذا الفرخ في جوفها، ملتئمة عليه، ليس فيها صدع ولا ثقب، ولا لما في جوفها منها مخرج؛ حتى يأذن الله عز وجل لما في جوفها بالخروج، وهذا الكرسي أيضا مشتمل على هذه الأرض وهذه السماء كما اشتملت هذه البيضة على هذا الفرخ؛ لأنه محيط بأقطار السماء وأقطار الأرض، وكل شيء مما خلق الله عز وجل في السموات والأرض داخل في هذا الكرسي، فليس لشيء(1) مما خلقه الله سبحانه خروج من هذا الكرسي، وهذا الكرسي فليس وراءه منتهى ولا غاية، فاعرف هذا الكرسي كيف هو؛ فقد ثبت والحمد لله أن هذا الكرسي هو المحيط بكل الأشياء، الواسع لها، فصار هذا الكرسي خارجا منها، ظاهرا عليها وباطنا فيها، ظاهرا عليها لإحاطته بها وباطنا فيها لدخولها فيه؛ وليست هذه الأشياء الداخلة في هذا الكرسي بممازجة له لأنها أصغر شيء في إحاطته.
صفحة ٢٥٧