193

تفسير العثيمين: لقمان

الناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٦ هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

لا تَخدَعَنَّكم بزُخْرفها ولذاتها ومَسَرَّاتها؛ وذلك عن [الإسلام] وشَرائعه، فـ (عن الإسلام): إن كان الإنسان كافِرًا، و(عن شَرائِعه): إن كان مُسلِمًا.
وفي قوله تعالى: ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ تَزهيد في هذه الحَياةِ؛ لأنه قال: ﴿الدُّنْيَا﴾ والدنيا فُعْلَى من الدُّنُوِّ، وهي دانية الزمَن، دانية المَعنَى والمَرتَبة، فهي دُنيا؛ لأنها سابِقة للآخِرة، ودنيا لأنها ناقِصة، كما تَقول: هذا دون هذا، يَعنِي: أَنقَصَ منه.
وقوله ﷾: ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ نون التَّوْكيد دليل على أن غُرورها شديد، ولهذا أكَّدَ النَّهيَ بالنون: ولا تَغُرَّنَّكم.
وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾ قال المُفَسِّر ﵀: [﴿بِاللَّهِ﴾ في حِلْمه وإمهاله] يَعنِي: لا يَغُرَّنَّكم باللَّه، والأمر -كما قال المُفَسِّر ﵀ بإِمْهاله وحِلْمه.
وقوله تعالى: ﴿الْغَرُورُ﴾ صِفَة مُشبَّهة، ويُراد بها [الشَّيْطان]، كما قال تعالى: ﴿يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [النساء: ١٢٠].
والشيطانُ يَغُرُّ الإنسانَ باللَّه ﷾، فمَثَلًا: يَقول له: لو أنك على باطِل لعاقَبَك اللَّه تعالى، أو يَقول له: إن رحمة اللَّه واسِعة واللَّه غَفور رحيم، أو يُمنِّيه بالتَّوْبة يَقول: صحيح أن هذه مَعصية، والإنسان مُعرِّضٌ نَفسَه للعُقوبة، لكن التَّوْبة أمامَك، فالآنَ تَمَتَّعْ بهذه المَعصيةِ وبعدَئِذٍ تَتوبُ.
ومن ذلك ما يُمنِّيه بعض الناس بأن يَقول: لا تُصَلِّ حتى تَبلُغ أربَعين سَنَةً. وهذا مَوْجود عند بعض الناس، فبعض الأجانب يَقولون: إن أهلَهُم يَقولون:

1 / 197