تقديم للطبعة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم*
كانت لي مع هذا الكتاب قصة طالت مدة من الزمن، أفدت خلالها تجارب في مجال التحقيق والبحث وازددت أيضا معرفة بالناس وخاصة أهل التحقيق والبحث منهم، وأود أن أسجل بعض ذلك هنا، كي يستفيد منه الآخرون:
كنا- معاشر أهل العلم- في النجف الأشرف، نعيش منذ سنة (1391) حياة مضطربة جدا على أثر ما قامت به السلطات الظالمة من تعديات جارحة على ساحة الدين وشعائره ومقدساته، وعلى المسلمين وأعراضهم ودمائهم وأموالهم، وكانت أعمالهم تستهدف في الواقع ضمائر الناس ووجدانهم وأخلاقهم الفاضلة وأعرافهم الطيبة أكثر مما يمس حياتهم المادية. علما بأن شعبا حيا في ثقافته- المتمثلة في وجدانه وأعرافه- تمكنه الحياة مع الحرمان عن كثير من الماديات، ويمكنه الصمود أمام التحديات، بالتالي سوف يحصل على ما يريد، لكن شعبا يفقد أصالته في أعرافه ووجدانه ولا يملك غيرة على مبادئه ولا حمية على ما يملك من تاريخ وحضارة إنه معرض للحرمان حتى من ثرواته بأسهل طريقة حيث لا يعرف كيف يتصرف فيما يملك، أو بالأحرى: لا يملك العقل الذي يدبر أمره به، وهذا ما حذر منه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال:
صفحة ٩