تفسير القرآن

التستري ت. 283 هجري
180

تفسير القرآن

محقق

محمد باسل عيون السود

الناشر

منشورات محمد علي بيضون / دارالكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٣ هـ

مكان النشر

بيروت

تصانيف

التفسير
وحكي أن أبا بكر الصديق ﵁ لما احتضر جاءت عائشة ﵂ فتمثلت بهذا البيت: [الطويل] لَعمرُك ما يغني الثَّراء عن الفتى ... إذا حشرجت يومًا وضاق بها الصدرُ «١» فكشف عن وجهه فقال: ليس كذلك، ولكن قولي: وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ [ق: ١٩] انظروا ثوبي هذين وكفنوني فيهما، فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت «٢» . والله ﷾ أعلم. السورة التي يذكر فيها الإنسان [سورة الإنسان (٧٦): آية ٥] إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُورًا (٥) قوله تعالى: إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ [٥] الآية. قال: الأبرار الذين تخلقوا بخلق من أخلاق العشرة الذين شهد لهم رسول الله ﷺ بالجنة. قيل: فما أول شيء ينبغي من الأخلاق؟ فقال: احتمال المئونة، والرفق في كل شيء، والحذر أن لا يميل في رفعه إلى هواه في هذه الخصال اكتساب العقل. ثم لا بد من ثلاثة أخرى فيها اكتساب المعرفة واستعمال العلم والحلم والتواضع، ثم لا بد من ثلاثة أخرى فيها أحكام التعبد السكينة والوقار والإنصاف. وقال: من كان فيه ثلاث خصال لم يأكل التراب جسده، كف الأذى عن الناس، ثم احتمال أذاهم، ثم اصطناع المعروف معهم. [سورة الإنسان (٧٦): آية ٧] يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْمًا كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٧) وَيَخافُونَ يَوْمًا كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا [٧] قال: البلايا والشدائد في الآخرة عامة، والسلامة منها خاص الخاص. [سورة الإنسان (٧٦): آية ١١] فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا (١١) قوله تعالى: وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا [١١] قال: نضرة في الوجوه وسرورًا في القلب. [سورة الإنسان (٧٦): آية ١٨] عَيْنًا فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (١٨) قوله تعالى: عَيْنًا فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا [١٨] وقال: حكي عن المسيب أنه قال: هي عين يمين العرش من قصب من ياقوت. قال سهل: نبه الله به عباده المؤمنين، ثم قال: سلوا ربكم السبيل إلى هذه العين. [سورة الإنسان (٧٦): آية ٢١] عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَرابًا طَهُورًا (٢١) قوله تعالى: وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَرابًا طَهُورًا [٢١] قال سهل: نهى الله عباده عن نجاسة خمور الدنيا بما فرق بين الطاهر والطهور، وبين خمور الجنة وخمور الدنيا نجاسة، فإن خمور الدنيا نجسة تنجس شاربها بالآثام، وخمور الجنة طهور تطهر شاربها من كل دنس، وتصلحه لمجلس القدس ومشهد العز. وصلى سهل صلاة العتمة فقرأ قوله تعالى: وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَرابًا طَهُورًا [٢١] فجعل يحرك فاه كأنما يمص شيئًا، فلما فرغ من صلاته قيل له: أتشرب في الصلاة؟ فقال: والله لو لم أجد لذته عند قراءته كأني عند شربه به ما فعلت ذلك. والله ﷾ أعلم.

(١) البيت لحاتم الطائي في ديوانه ص ١٩٩. (٢) تفسير القرطبي ١٧/ ١٢- ١٣ والكامل في التاريخ ٢/ ٢٧٠.

1 / 183