115
{ قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين . قال ألقوا فلما ألقوا سحروا أعين الناس واسترهبوهم } أي من الرهب والمخافة { وجاءوا بسحر عظيم } . فخيل إلى موسى أن حبالهم وعصيهم حيات كما كانت عصا موسى . فألقى موسى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ، أعظم من حياتهم . ثم رموا فازدادت حبالهم وعصيهم عظما في أعين الناس ، وجعلت عصا موسى تعظم ، وهم يرمون حتى أنفدوا سحرهم ، فلم يبق منه شيء ، وعظمت عصا موسى حتى سدت الأفق ، ثم فتحت فاها فابتلعت ما ألقوا . ثم أخذ موسى عصاه بيده فإذا حبالهم وعصيهم قد ذهبت .
قال : { وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون } قال الحسن : فإذا هي تسترط حبالهم وعصيهم ، أي تلقفه بفيها . قوله : { ما يأفكون } قال مجاهد : ما يكذبون . وسرطت حبالهم وعصيهم .
قوله : { فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون } قال بعضهم : فظهر الحق ، وهو تفسير مجاهد وبطل ما كانوا يعملون .
قال : { فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين } . قال الكلبي : فقال السحرة بعضهم لبعض : لو كان هذا سحرا لبقيت حبالنا وعصينا .
{ وألقي السحرة ساجدين قالوا ءامنا برب العالمين رب موسى وهارون } فبهت فرعون وألقى بيده ، وخلى سبيل موسى ، ولم يعرض له .
{ قال فرعون } لهم { ءامنتم به قبل أن ءاذن لكم } على الاستفهام ، أي إنكم فعلتم { إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة } أي : قلتم لموسى : يا موسى اذهب فاصنع شيئا ، فإذا صنعت ذلك دعانا فرعون فصدقنا مقالتك { لتخرجوا منها أهلها } . أي لتخرجوني وقومي بسحركم وسحر موسى . { فسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف } اليد اليمنى والرجل اليسرى { ثم لأصلبنكم أجمعين } .
صفحة ٤٢٨