96
قال : { ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة } . قال الحسن : يعني مشركي العرب . و [ قال ابن عباس : الذين أشركوا هم المجوس ، وذلك أن المجوس كانوا يلقون الملك بالتحية في النيروز والمهرجان فيقولون له : عش أيها الملك ألف سنة كلها مثل يومك هذا ] . وذكر سعيد بن جبير عن ابن عباس : [ هو قول أحدهم إذا عطس : « زه هزار سال » ] .
قال : { وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر } أي : وما عمره بمزحزحه أي بمنجيه من العذاب { والله بصير بما يعملون } .
قوله : { قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله } قال الحسن : إن اليهود قالوا : إن جبريل لا يأتينا إلا بالشتم والذم ، وإنما يفعل ذلك لعداوة بيننا وبينه ، وميكائيل لين؛ فعادوا جبريل . فأنزل الله : { قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك } . أي نزل القرآن الذي فيه شتم اليهود وعيبهم بإذن الله { مصدقا لما بين يديه } أي من كتب الله المتقدمة .
وقال بعضهم : إن اليهود قالت للنبي A : من صاحبك الذي يأتيك بالوحي؟ فقال : « جبريل » فقالت : ذلك عدونا من الملائكة ، وإنه ينزل بالعذاب والنقمة ، وإن ميكائيل ينزل باللين والرحمة ، أو كما قالوا .
وقال بعضهم : فإنه نزله على قلبك ، أي نزل القرآن على قلبك .
قال : وذكر لنا أن عمر بن الخطاب Bه أتى نفرا من اليهود . فلما أبصروه رحبوا به ، فقال : أما والله ما جئتكم لحبكم ، ولا لرغبة فيكم ، ولكن جئت لأسمع منكم . فسألهم وسألوه . فقالوا له : من صاحب صاحبكم؟ فقال : جبريل . قالوا : ذاك عدونا من أهل السماء ، يطلع محمدا على سرنا ، وهو إذا جاء جاء بالحرب والسنة . وكان صاحب صاحبنا ميكائيل ، وكان إذا جاء جاء بالسلام وبالخصب . فقال لهم عمر : أفتعرفون جبريل وتنكرون محمدا . ففارقهم عند ذلك ، وتوجه نحو النبي عليه السلام ليحدثه حديثهم فوجده قد أنزلت عليه هذه الآية : { قل من كان عدوا لجبريل . . . } إلى أخر الآية .
وقال بعضهم : جادلهم عمر حين قالوا إن جبريل عدونا من الملائكة وميكائيل ولينا . فقال لهم : حدثوني عن وليكم من الملائكة ، هل يتولى عدوكم من الملائكة . فإن كان يتولى وليكم من الملائكة عدوكم من الملائكة فلم عاديتم من يتولاه وليكم؟ فمن عادى جبريل فهو عدو الله والملائكة والمؤمنين . فأنزل الله مصداق عمر :
{ من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين } قال الكلبي : إن اليهود قالت : إن جبريل عدو لنا . فلو أن محمدا يزعم أن ميكائيل هو الذي يأتيه صدقناه . وإن جبريل عدو لميكائيل؛ فقال عمر : فإني أشهد أن من كان عدوا لجبريل فإنه عدو لميكائيل؛ فأنزل الله هذه الآية .
قوله : { ولقد أنزلنا إليك ءايات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون } يعني جميع من كفر بها .
صفحة ٤٢