353

39

قوله : { والذين كذبوا بآياتنا صم } أي عن الهدى فلا يسمعونه { وبكم } عنه فلا ينطقون به { في الظلمات } أي ظلمات الكفر { من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم } أي الجنة . وقال بعضهم : الكافر أصم أبكم لا يسمع خيرا ولا يعقله ، ولا يتكلم به ولا يقبله .

قوله : { قل أرءيتكم إن أتاكم عذاب الله } قال الحسن : يعني عذاب الله بالاستئصال { أو أتتكم الساعة } أي بالعذاب { أغير الله تدعون إن كنتم صادقين } على الاستفهام ، أي إنكم لا تدعون إلا الله فتؤمنون حيث لا يقبل الإيمان عند نزول العذاب . قال الله : { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا } أي عذابنا { سنت الله التي قد خلت في عباده } [ غافر : 85 ] .

قال : { بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء } وهذه مشيئة القدرة ، ولا يشاء أن يكشف عنهم عند نزول العذاب . { وتنسون ما تشركون } بالله من هذه الأوثان . وقال بعضهم : { أغير الله تدعون } أي إذا أصابكم الضر في الدنيا .

قوله : { ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون } والبأساء البؤس ، وهي الشدائد من الجدوبة وشدة المعاش . والضراء هي الأذى من الأمراض والأوجاع .

قوله : { فلولا } أي فهلا { إذ جاءهم بأسنا تضرعوا } أي إنهم لم يتضرعوا . { ولكن قست قلوبهم } أي غلظت قلوبهم فلم يؤمنوا . وهذا الذي كان يصيب الأمم من البأساء والضراء إنما هو شيء يبتليهم الله به قبل العذاب لعلهم يؤمنون ، فإذا لم يؤمنوا أهلكهم الله . قال : { وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون } .

قال : { فلما نسوا ما ذكروا به } أي ما وعظوا به ، أي تركوا ما جاءتهم به الرسل . وفي قول الحسن : أعرضواعما جاءت به الرسل . { فتحنا عليهم أبواب كل شيء } أي من الرزق . وقال مجاهد : أبواب كل شيء من رخاء الدنيا . { حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة } أي بالعذاب فجأة . وقال مجاهد : فجأة آمنين وهم لا يشعرون . { فإذا هم مبلسون } أي يئسون .

وقال بعضهم : ما ذكروا به من أمر الله { أخذناهم بغتة } أي بغت القوم أمر الله . وقل ما أخذ الله قوما قط إلا عند سلوتهم وغبطتهم . قال : { فقطع دابر القوم الذين ظلموا } أي القوم الذين أشركوا { والحمد لله رب العالمين } .

وهي مثل الآية التي في الأعراف : { وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ثم بدلنا مكان السيئة } أي القحط { الحسنة } أي الرخاء { حتى عفوا } أي حتى كثروا { وقالوا قد مس ءاباءنا الضراء والسراء } فلم يكن شيء . قال الله : { فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون } [ الأعراف : 94-95 ] .

صفحة ٣٥٣