120

تفسير الهواري

تصانيف

246

قوله : { ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله } .

قال الكلبي : إن بني إسرائيل مكثوا زمانا من الدهر ليس عليهم ملك . فأحبوا أن يكون عليهم ملك يقاتل عدوهم . فمشوا إلى نبي لهم من بني هارون يقال له اشمويل . وقال بعضهم : سمعت من يسميه بالعربية إسماعيل؛ فقالوا له : ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله . { قال } لهم نبيهم { هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا } . وكان عدوهم من قوم جالوت ، وكانوا يسكنون بساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين .

وقال بعضهم : كان جالوت من الجبابرة . قال الكلبي : فلقي بنو إسرائيل منهم بلاء ، حتى غلبوهم على أرضهم ، وسبوا كثيرا من ذراريهم .

قوله : { فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين } . قال : { وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا } وكان طالوت من سبط قد عملوا ذنبا عظيما ، فنزع منهم الملك في ذلك الزمان ، فأنكروه . { قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه } .

قال بعضهم : كان في بني إسرائيل سبطان : سبط نبوة وسبط مملكة؛ كانت النبوة في سبط بني لاوى ، وكان الملك في سبط يهوذا . وكان طالوت في سبط بن يامين أخي يوسف . فلما رأوا أنه ليس من سبط بني لاوى ولا من سبط يهوذا قالوا : { أنى يكون له الملك علينا } أي كيف يكون له الملك علينا { ونحن أحق بالملك منه } ، وليس من سبط النبوة ولا من سبط المملكة .

قال الكلبي : { أنى يكون له الملك علينا } وهو من سبط الاثم ، للذنب الذي كانوا أصابوه .

قال : { ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم } أي اختاره عليكم { وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم } . وكان طالوت أعلمهم يومئذ وأطولهم وأعظمهم ، وكان مغمورا في قومه .

ذكروا عن الحسن أنه قرأ هذه الآية فقال : فإذا الجسم نعمة من الله ذكرها .

فقالوا لنبيهم : لا نصدق أن الله بعثه علينا ، ولكنك أنت بعثته مضادة لنا إذ سألناك ملكا : فأتنا بآية نعلم أن الله اصطفاه علينا .

صفحة ١٢٠