240

تفسير يحيى بن سلام

محقق

الدكتورة هند شلبي

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ اتَّبَعَ جِنَازَةَ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَبْرِهِ وَجَدَهُ لَمَّا يُلْحَدْ، فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِنَا الطَّيْرُ، وَبِيَدِهِ عُودٌ فَهُوَ يَنْكُتُ بِهِ فِي الأَرْضَ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. قَالَهَا ثَلاثًا. - إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي قُبُلٍ مِنَ الآخِرَةِ وَانْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا، أَتَتْهُ مَلائِكَةٌ، وُجُوهُهُمْ كَالشَّمْسِ بِحَنُوطِهِ وَكَفَنِهِ، فَجَلَسُوا مِنْهُ بِالْمَكَانِ الَّذِي يَرَاهُمْ مِنْهُ، فَإِذَا خَرَجَ رُوحُهُ صَلَّى عَلَيْهِ كُلُّ مَلَكٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، وَكُلُّ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، كُلُّ بَابٍ مِنْهَا يُعْجِبُهُ أَنْ يَصْعَدَ رُوحُهُ مِنْهُ. فَيَنْتَهِي الْمَلَكُ إِلَى رَبِّهِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، هَذَا رُوحُ عَبْدِكَ فُلانٍ، فَيُصَلِّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَمَلائِكَتُهُ وَيَقُولُ: ارْجِعُوا بِعَبْدِي فَأَرُوهُ مَاذَا أَعْدَدْتُ لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ، فَإِنِّي عَهِدْتُ إِلَى عِبَادِي أَنِّي مِنْهَا خَلَقْتُكُمْ وَفِيهَا أُعِيدُكُمْ. فَيَرُدُّ إِلَيْهِ رُوحَهُ حَتَّى يُوضَعَ فِي قَبْرِهِ، فَإِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ حِينَ يَنْصَرِفَون عَنْهُ، قَالَ: فَيُقَالُ لَهُ: مَا رَبُّكَ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: اللَّهُ رَبِّي، وَالإِسْلامُ دِينِي، وَمُحَمَّدٌ نَبِيِّي. فَيُنْتَهَرُ انْتِهَارًا شَدِيدًا ثُمَّ يُقَالُ لَهُ: مَا دِينُكَ، وَمَنْ رَبُّكَ، وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: اللَّهُ رَبِّي، وَالإِسْلامُ دِينِي، ومُحَمَّدٌ نَبِيِّي، فَيُنَادِي مُنَادٍ: ﴿يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ﴾ [إبراهيم: ٢٧] . وَيَأْتِيهِ عَمَلُهُ فِي صُورَةٍ حَسَنَةٍ وَرِيحٍ طَيِّبَةٍ فَيَقُولُ: أَبْشِرْ بِجَنَّاتٍ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ، فَقَدْ كُنْتَ سَرِيعًا فِي طَاعَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَيَقُولُ: وَأَنْتَ فَبَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ فَمِثْلُ وَجْهِكَ بُشِّرَ بِالْخَيْرِ، وَمَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا عَمَلُكَ الْحَسَنُ. ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ النَّارِ فَيُقَالُ لَهُ: هَذَا كَانَ مَنْزِلُكَ فَأَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا مِنْهُ. ثُمَّ يُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَيُرِيهِ مَنْزِلَهُ فِي الْجَنَّةِ، فَيَنْظُرُ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْكَرَامَةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ كَيْ أَرْجِعَ إِلَى أَهْلِي وَمَالِي، فَيُوَسَّعُ لَهُ فِي قَبْرِهِ وَيَرْقُدُ.

1 / 288