تفسير يحيى بن سلام
محقق
الدكتورة هند شلبي
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
قَالَ يَحْيَى: يَقُولُ: يَئِسَ أَنْ يُفْرَجَ ذَلِكَ عَنْهُ؛ لأَنَّهُ لَيْسَتْ لَهُ نِيَّةٌ وَلا حِسْبَةٌ وَلا رَجَاءٌ.
﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾ [الإسراء: ٨٤] سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: عَلَى نَاحِيَتِهِ وَمَا يَنْوِي، أَيِ: الْمُؤْمِنُ عَلَى إِيمَانِهِ وَالْكَافِرُ عَلَى كُفْرِهِ.
﴿فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلا﴾ [الإسراء: ٨٤]، أَيْ: فَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الْمُؤْمِنَ أَهْدَى سَبِيلا مِنَ الْكَافِرِ.
قَوْلُهُ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ﴾ [الإسراء: ٨٥]
يَحْيَى، عَنْ صَاحِبٍ لَهُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ نَاسًا مِنَ الْيَهُودِ لَقُوا نَبِيَّ اللَّهِ وَهُوَ عَلَى بَغْلَتِهِ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا﴾ [الإسراء: ٨٥] .
وَفِي تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ بَعَثُوا رُسُلا إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالُوا لَهُمْ: سَلُوا الْيَهُودَ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَصَفُوا لَهُمْ نَعْتَهُ وَقَوْلَهُ، ثُمَّ ائْتُونَا فَأَخْبِرُونَا.
فَانْطَلَقُوا حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ فَوَجَدُوا بِهَا عُلَمَاءَ الْيَهُودِ مِنْ كُلِّ أَرْضٍ قَدِ اجْتَمَعُوا فِيهَا لِعِيدٍ لَهُمْ، فَسَأَلُوهُمْ عَنْ مُحَمَّدٍ وَنَعَتُوا لَهُمْ نَعْتَهُ، فَقَالَ لَهُمْ حَبْرٌ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ: إِنَّ هَذَا لَنَعْتُ النَّبِيِّ الَّذِي نَتَحَدَّثُ أَنَّ اللَّهَ بَاعِثُهُ فِي هَذِهِ الأَرْضِ.
فَقَالَتْ لَهُمْ رُسُلُ قُرَيْشٍ: إِنَّهُ فَقِيرٌ، عَائِلٌ، يَتِيمٌ، لَمْ يَتْبَعْهُ مِنْ قَوْمِهِ مِنْ أَهْلِ الرَّأْيِ أَحَدٌ وَلا مِنْ ذَوِي الأَسْنَانِ.
فَضَحِكَ الْحَبْرُ وَقَالَ كَذَلِكَ نَجِدُهُ.
قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُ قُرَيْشٍ: فَإِنَّهُ يَقُولُ قَوْلا عَظِيمًا، يَدْعُو إِلَى الرَّحْمَنِ، وَيَقُولُ: إِنَّ الَّذِي بِالْيَمَامَةِ السَّاحِرُ الْكَذَّابُ، يَعْنُونَ مُسَيْلِمَةَ.
فَقَالَتْ لَهُمُ الْيَهُودُ: اذْهَبُوا فَسَلُوا صَاحِبَكُمْ عَنْ خِلالٍ ثَلاثٍ، فَإِنَّ الَّذِي بِالْيَمَامَةِ قَدْ عَجَزَ عَنْهُنَّ.
فَأَمَّا اثْنَتَانِ مِنَ الثَّلاثِ فَإِنَّهُ لا يَعْلَمُهُمَا إِلا نَبِيٌّ، فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ بِهِمَا فَقَدْ صَدَقَ.
وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَلا يَجْتَرِئُ عَلَيْهَا أَحَدٌ.
فَقَالَتْ لَهُمْ رُسُلُ قُرَيْشٍ: أَخْبِرُونَا بِهِنَّ.
فَقَالَتْ لَهُمُ الْيَهُودُ: سَلُوهُ عَنْ أَصْحَابِ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ.
فَقَصُّوا عَلَيْهِمْ قِصَّتَهُمْ.
وَسَلُوهُ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ، وَحَدَّثُوهُمْ بِأَمْرِهِ.
وَسَلُوهُ عَنِ الرُّوحِ، فَإِنْ أَخْبَرَكُمْ فِيهِ بِشَيْءٍ فَهُوَ كَاذِبٌ.
1 / 159