تفسير اطفيش

اطفيش ت. 1332 هجري
182

تفسير اطفيش

تصانيف

159

{ إن الذين يكتمون } من اليهود والنصارى بالمحو ، أو بتبديل غيره به ، أو بتفسيره بغير معناه ، أو إخفاء لفظه ، أو محله عن الناس ، والكتم ترك إظهار الشىء قصدا مع مسيس الحاجة إليه ، وذلك بمجرد إخفائه أو بإزالته ، ووضع لشىء آخر موضعه ، واليهود لعنهم الله مرتكبون للأمرين { ما أنزلنا من البينت والهدى } الآيات الدالات على الرجم ، ونعوت رسول الله A ، سماهن آيات ، لأنهن دلائل هدى ، وسماهن ، لأنه يوصل بهن إلى المقصود ، وقيل الهدى الدلائل العقلية كقوله تعالى { قدر فهدى } ولا يأباه الإنزال والكتم ، لأن العطف حينئذ عل مالا على البينات ، ولا مانع من أن يظهر الحجة العقلية لإنسان ويكتمها ، إلا أنه خلاف المتبادر { من بعد ما بينه للناس } الكاتمين وغيرهم { فى الكتب } التوراة والإنجيل ، وقيل التوراة وغيرها ملحق بها ، وهو أولى ، لأن سبب النزول اليهود ، وقيل القرآن ، وعليه فالناس أمة محمد A ، وبيناه أوضحناه فيه ، بحيث يكون متبينا لكل من رآه أو سمعه ، والمشهورون بالكتمان اليهود ، وهم سبب النزول .

سأل معاذ بن جبل ، وسعد بن معاذ ، وخارجة بن زيد نفرا من أحبار اليهود عن بعض ما فى التوراة ، فكتموا ، فنزلت ، وقيل : نزلت فى الكاتمين من اليهود والنصارى ، إلا أن خصوص السبب لا يدفع عموم الحكم ، فالآية تعم من كتم من أهل التوحيد ما لا يجوز له كتمة من أمر الدين .

قال أبو هريرة لولا هذه الآية ما حدثت أحدا بشىء ، وعنه A : « من سئل عن علم فكتمه جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار » وذلك شامل للنساء لا يحل لهن الكتم ولا يعذر المسئول بل يكفر إلا إن علم أنه إن لم يجب سئل غيره وأجاب { أولئك يلعنهم الله } يبعدهم عن رحمته ، ويذيقهم العذاب ، مقتضى الظاهر أولئك نلعنهم ويلعنهم اللاعنون بالنون ، إلا أنه بالياء ، ولفظ الجلالة تفخيما للحكم ، يبعدهم الله عن رحمته أو يذمهم للملائكة ، وفى اللوح المحفوظ { ويلعنهم اللعنون } أى يتلفظون بلعنهم ، كل وكلامه ، حتى الجمادات ، وقد علم الله تسبيحها ، أو يدعون بإبعادهم عن الرحمة ، وتلعنهم أجسامهم وأجسام غيرهم من الكفرة والمسلمين ، وقيل الملائكة والثقلان ، وقال ابن عباس : غير الثقلين ، وقال عطاء : الثقلان ، وقال مجاهد : البهائم حتى العقارب والخنافس إذا أقحطت بذنوب بنى آدم ، فجمع السلامة للمذكر تنزيل لها منزلة ما قل إذا دعت ، أو تعد من العقلاء إذ ذاك .

صفحة ١٨٢