وبالجملة: { يريد أن يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون } [الأعراف: 110] أيها المتأملون المتفكرون في ضبط المملكة وحفظ البلاد في دفع هذا العدو.
[7.111-116]
وبعدما تشاوروا وتأملوا كثيرا في أمر دفعه، استقر رأيهم وأتفق أمرهم إلى أن { قالوا } مخاطلبين لفرعون: { أرجه وأخاه } أي: أخر وسوف قتلهما؛ لئلا يظهر عجزك عنهما ولا يختل أمر ربوبيتك { وأرسل في المدآئن } التي اشتهرت السحر والسحرة فيها شرطاء { حاشرين } [الأعراف: 111] جامعين من فيها من السحرة.
وبعد جمعهم { يأتوك } ويحضروا عندك { بكل ساحر عليم } [الأعراف: 112] ماهر حاذق في هذا العلم؛ ليتمكنوا على مغالبتهما، فأرسلهم فحشروا وانتخبروا من السحرة من انتخبوا.
{ وجآء السحرة } المنتخبة { فرعون } متظاهرين بطرين، جازيمن على غلبتهما لذلك سألوا أولا الجعل حيث { قالوا إن لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين } [الأعراف: 113] وهم وإن كانوا جازمين في نفوسهم الغلبة أتوا بأن المفيدة للشك للمبالغة في طلب الأجر.
{ قال } فرعون: { نعم } إن لكم أجرا كثيرا { و } من الأجر الكثير { إنكم لمن المقربين } [الأعراف: 114] عندي، الحضارين في مجلسي، المصاحبين معي دائما، قاله تحريضا وترغيبا.
وبعدما تقرر عندهم وفي نفوسهم الغلبة، وسمعوا منه ما سمعوا من الإنعام والتقرب { قالوا يموسى } نادوه استحقارا له واستهزاء معه، ومسفها كيف أدقم مع ضعفه في مقابلتهم: { إمآ أن تلقي } أولا ما جئت به { وإمآ أن نكون نحن الملقين } [الأعراف: 115] أوامره ، فلك الخيار؛ إذ الأمر عندنا سواء.
{ قال } موسى بإلهام الله إياه: بل { ألقوا } ما جئتم بإلقائه أيها الساحرون المبطلون { فلمآ ألقوا } أي: أرادوا الإلقاء { سحروا أعين الناس } حتى لا يتخيلوا أنها أمور غير مطابقة للواقع، بل اعتقدوا مطابقتها { واسترهبوهم } أي: بني إسرائيل المنتظرين لغلبة موسى؛ ليخلصوا من يد العدو إرهابا شديدا؛ لأنهم ألقوا حبالا غلاظا وخشبا طوالا صارت الكل حيات متراكمة متراكبة بعضها فوق بعض { و } بالجملة: { جآءوا بسحر عظيم } [الأعراف: 116] متناه في فنه أقضى غاية.
[7.117-125]
{ و } بعدما جاءوا بسحرهم العظيم { أوحينآ إلى موسى أن ألق عصاك } فألقاها فصارت ثعبانا عظيما { فإذا هي } أخذت { تلقف } تبتلع وتلتقم { ما يأفكون } [الأعراف: 117] أي: ما يزورونه ويلبسونه سحرا وشعبذة.
صفحة غير معروفة