واعلموا أن { لكل نبإ } خبر وآيات نازلة من الله { مستقر } مقر ومورد { وسوف تعلمون } [الأنعام: 67] حين تقرره ونزوله في مورده في الدنيا والآخرة.
[6.68-70]
{ وإذا رأيت } يا أكمل الرسل { الذين يخوضون في ءاياتنا } يالطعن والتكذيب { فأعرض عنهم } ولا تصاحبهم، وأخرج من بينهم { حتى } لا تكومن سببا لاستهزائهم و { يخوضوا في حديث غيره } أي: غير القدح والطعن في القرآن { وإما ينسينك الشيطن } الخروج بعد وقوفك بأباطيلهم { فلا تقعد بعد الذكرى } والتذكير البتة { مع القوم الظلمين } [الأنعام: 68] الطاعنين على الله بما لا يليق بجانابه.
{ و } أن اتفق مجالسة المؤمنين معهم أحيانا { ما } يلزم ويعود { على الذين يتقون } عن محارم الله { من حسابهم } الذين يحاسبون عليها و معاقبون لأجلها { من شيء } أي: بشيء من الخطر والتزلزل { ولكن } إن أتفق جمعهم لزمهم { ذكرى } والموعظة الحسنة الناشئة عن محض الحكمة { لعلهم يتقون } [الأنعام: 69] ينتهوون عما هم عليه من الاستهزاء والتكذيب تأثرا واستحياء.
{ و } إن لم يتأثروا ولم يستحوا { ذر الذين اتخذوا دينهم } الذين يدعون الهداية بسببه { لعبا ولهوا } أي: معلبه وملهى ليس منه تأثر أصلا بل يجرونه على طرف اللسان ويلقون على طرف التمام، وكيف يتأثرون منه ولا يلعبون معه { و } إذ { غرتهم الحيوة الدنيا } بحيث عموا وصموا عن الأمور الأخروية بالمرة { و } إن أردت أن تذكر بالقرآن { ذكر به } على من هو على خطر من الله مخافة { أن تبسل نفس } أي: بتسلمه وتوقعه النفس العاصية إلى الهلاك الأبدي والبوار السرمدي { بما كسبت } من العقائد الزائفة والمعاصي العائقة عن إقامة حدود الله؛ إذ { ليس لها } أي: للنفس { من دون الله ولي } يولي أمرها وينقذها من العذاب { ولا شفيع } يشفع لها عند الله لينجو من عذابه { وإن تعدل } وتفد { كل عدل } كل ما يفدى به من أمتعة الدنيا { لا يؤخذ } ولا يقبل { منهآ أولئك } البعداء المطرودون عن روح الله هم { الذين أبسلوا } سلموا نفوسهم إلى الهلاك { بما كسبوا } من شؤم نفوسهم من المعاصي تهيأ { لهم } في الآخرة { شراب من حميم } يحرق بطونهم عن مسرة المؤمنين { وعذاب أليم } مؤلم عن مكانتهم عند الله { بما كانوا يكفرون } [الأنعام: 70] أي: بسبب كفرهم وخورجهم عن حدود الله، وإن ادعى المشركون حقية دينهم ويدعو المسلمين إليه.
[6.71-73]
{ قل } لهم يا أكمل الرسل تعليما لمن اتبعك: { أندعوا } ونعبد { من دون الله } الخالق الرزاق الفاعل المختار { ما لا } يقدر على جلب ما { ينفعنا ولا } على دفع ما { يضرنا ونرد } بعبادته { على أعقابنا } التي كنا عليه من الشرك والعصيان { بعد إذ هدانا الله } بنور التوحيد والعرفان؟ { كا } الشخص { لذي استهوته } أي: ذهبت به { الشياطين } والأغوال وطرحه { في الأرض } أي: المهاوي والمهامه { حيران } قلقا حائرا تائها، وكان { له أصحاب } ورفقة { يدعونه إلى الهدى } أي: الطريق الواضح المستقيم صائحا عليه قائلا: { ائتنا } حتى تهتدي إلى الطريق، ونحن فيها، لم يسمع كلامهم ولم يقبل قولهم، واقفتى أثر الغول المغوي حتى يضل ويهلك { قل إن هدى الله } الهادي لعباده إلى توحيده الذاتي { هو الهدى } أي: مقصور على الإسلام الموصل إليه { وأمرنا } أيضا من عنده بمقتضى توحيده الذاتي { لنسلم } ونفوض جميع أمورنا { لرب العالمين } [الأنعام: 71] إذ هو مستقل بتربية مظاهره؛ لأنه لا يجزي في ملكه إلا ما يشاء.
{ و } أمرنا أيضا { أن أقيموا الصلاة } وأديموا الميل والتقرب نحوه { واتقوه } من سخطه وغضبه بارتكاب منهياته { و } اعلموا أنه { هو } الموجد المظهر { الذي إليه } لا إلى غيره من العكوس والأظلال { تحشرون } [الأنعام: 72] ترجعون.
كيف لا { وهو الذي خلق السموت والأرض } أي: أوجدهما وأظهرهما ملتبسا { بالحق } على مقتضى الحكمة المتقنة التي ما ترى فيها من فطور وفتور { و } ذلك { يوم } حين { يقول } بعد تعلق إرادته ومشيئته بتكوينهما { كن فيكون } على الفور بلا تراخ ومهلة تنفيذا لسرعة قضائه { قوله } لإعدامها أيضا في الساعة { الحق } المطابق للواقع بلا تخلف { و } كيف يتصور التخلف في قوله؛ إذ { له } لا لغيره { الملك } أي: المظاهر كلها وله التصرف فيها بالاستقلال إيجادا وإعداما { يوم ينفخ في الصور } لإعدام ما في الوجود وإفنائها إظهارا لقدرته؛ إذ هو { علم الغيب } وما يجري فيها { والشهدة } وما يترتب عليها { وهو } بذاته { الحكيم } في إبداء مظاهره من الغيب { الخبير } [الأنعام: 3] بما ترتب عيليها في الشهادة بعد إعادتها.
[6.74-78]
صفحة غير معروفة