82

تفسير الراغب الأصفهاني

محقق

د. هند بنت محمد بن زاهد سردار

الناشر

كلية الدعوة وأصول الدين

مكان النشر

جامعة أم القرى

وعلى الإنفاق، ومدح لفاعل، ولا يحث ولا يمدح بانفاق المحظورات. والثاني: باضافته إليه وتمكينه منه، حيث قال: ﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ من شرط ما يضاف إليه من الأفعال مفصلًا أن يخص الأفضل، فالأفضل، وإن كان قد يضاف إليه الأفعال كلها على سبيل العموم بمعنى: أنه هو السبب الذي لولاه - تعالى - لم يحصل ولم يكن بوجه والظاهر - من إنفاق ما رزقه الله - المال، وذلك عام فيما يخرج من الزكاة المفروضة، ومن العطايا النافلة، بدلالة أن ذلك مدح منه. والمدح قد يستحق بالفرض والنفل، وما روي عن ابن عباس ﵄ أنه عنى " الصلوات المفروضة " والزكوات [المحدودة] فإنه، ذكر أوكد ما يستحق به المدح، إذ لا يعتد بالنفل ما لم يؤت بالفرض، لقوله ﵇: " إن الله لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة " وروي عن ابن مسعود ﵁ " إن المؤمن ليؤجر في كل شيء حتى اللقمة يضعها في في امرأته " فالإنفاق من الرزق بالنظر العامي من المال كما تقدم. وأما بالنظر الخاصي: فقد يكون الإنفاق من جميع المعاون التي أتانا الله ﷿ من النعم الباطنة والظاهرة، كالعلم والقوة والجاه والمال. ألا ترى إلى قوله ﵇ " إن علمًا لا يقال به ككنز لا ينفق منه " وبهذا النظر عد الشجاعة وبذل الجاه وبذل العلم من الجود حتى قال الشاعر: والجود بالنفس أقصى غاية الجود. وقال آخر: بحر يجود بماله وبجاهه. . . والجود كل الجود بذل الجاه وقال حكيم: الجود التام: بذل العلم. فمتاع الدنيا عرض زائل ينقصه الإنفاق. وإذا تزاحم عليه قوم ثلم بعضهم حال بعض. والعلم بالضد ٠ فهو باق دائم. ويزكو على النفقة، ولا يثلم تناول البعض حال الباقين، وإلى هذا ذهب بعض المحققين فقال: (ومما رزقناهم ينفقون) أي: مما خصصناهم به

1 / 82