تفسير الراغب الأصفهاني
محقق
د. هند بنت محمد بن زاهد سردار
الناشر
كلية الدعوة وأصول الدين
مكان النشر
جامعة أم القرى
أو سهوا، وسواء كان يسيرًا أو كثيرًا، والصواب من الشيء يجري " مجرى القرطاس " من المرمى في أنه هو الصواب.
وباقية ضلال وخطأ.
ولهذا قال الحكماء: كوننا أخيارًا من وجه واحد، وكوننا أشرارًاَ من وجوه كثيرة، ولهذا روي عن بعض الصالحين أنه رأى النبي ﷺ في منامه، فقال له: ما الذي شيبك يا رسول الله - حيث قلت: " شيبتني هود وأخواتها "؟ فقال: مثل قوله: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ﴾ واصعوبة الصواب وكونه واحدًا، قال ﵇: (استقيموا ولن تحصوا)، وعلى هذا النظر قال: (من اجتهم فأصاب فله اجران، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر)
فإذا ثبت أن كل عدول عن الغرض والمقصود يقال له خطأ وضلال، وأن الصواب في نهاية الصعوبة، علم أنه ليس كل ضلال وخطأ يستحق به العقاب الدائم.
بل كما يسمى أكبر الكبائر نحو: الكفر ضلالًا وباطلًا وخطأ وقد يسمى بذلك اصغر الصغائر.
قال يجب أن يشككنا مشكك إذا رأينا بعض الأولياء موصوفًا بضلال وخطأ، كما رأينا الكافر موصوفًا بهما، فقد يتقارب الوصفان حدًا، وموصوفًا هما متباعدان، فغرض الضلال والخطأ عريض، والتفاوت بين أدناه وأقصاه كثير.
ولذلك قال تعالى للنبي ﷺ: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ أي: ووجدك غير مهتد إلى ما سبق إليك من النبوة والعلم، ونحوه قوله: ﴿وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ وقد يعبر عن سوء الاختيار بالضلال نحو قوله: ﴿فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾، ويعبر عن الخيبة بالضلال والغي والخطأ، كما قال في الكفار: ﴿إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ﴾، فإذا ثبت ذلك،
1 / 67