تفسير الراغب الأصفهاني
محقق
د. هند بنت محمد بن زاهد سردار
الناشر
كلية الدعوة وأصول الدين
مكان النشر
جامعة أم القرى
" زكم " و" حم " ولقي والجنان: القلب، لكونه مستورًا عن البصر، و" جن الليل " والمجن لذلك وقيل للبستان ذي الأشجار جنة، لاستتاره بها، والجنة قيل: [تسمى تشبيهًا] بجنة الأرض وإن كان بينهما بون، وقيل: سميت بذلك، لأنه ستر في الدنيا حقيقة ما أعد الناس فيها من عظم الآلاء وبذلك أخبر تعالى في قوله: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ﴾ وإنما قال: " جنات " بلفظ الجمع لما قال ابن عباس - - رضي الله تعالى عنهما - " إن الجنان سبع: جنة الفردوس، وجنة عدن، وجنة النعيم، وجنة المأوى، ودار الخلد، ودار السلام، وعليون " والجري: المر السريع، ويقال ذلك في الماء والرياح والسحاب والفرس، ويقال للرسول والوكيل المتحققين في الحال جري، والاتيان: عام في المجيء والذهاب وفيما كان طبعًا وقهريًا، والآتي: يقال للماء الجاري، ولما وقع فيه من خشب ونحوه ولمجرى الماء القريب أيضًا
إن قيل: لم قال: (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) وقد علم أن الماء في البساتين إذا كان جاريًا على وجع الأرض أحسن منها إذا كان جاريًا تحتها؟ قيل: عنى أنهارًا جارية تحت الأشجار، لا تحت الأرض، وقد روي عن مسروق ما يدل على ذلك، وهو أن كل أنهار الجنة تجري في غير أخاديد،
إن قيل: كيف قالوا:
﴿هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ وما كان من قبل قد فنى وعدم؟ قيل: لفظة " هذا " وأخواته يشار بها إلى العين الموجودة طورًا، وإلى النوع والجنس طورًا.
والنوع من حيث ما هو نوع ليس يفنى، وإنما الذي يفنى هو الجزئيات وعلى ذلك تقول في الإشارة إلى نهر جار: " هذا الماء
1 / 123