التبصرة
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
فَلِمِثْلِ حَالِهِ فَلْيَحْذَرِ اللَّبِيبُ، وَهَذَا أَمْرٌ تُبْعِدُهُ الآمَالُ وَهُوَ وَاللَّهِ قَرِيبٌ.
(أَبْصَرْتُهُ مُلْقَى يَجُودُ بِنَفْسِهِ ... قَدْ كَلَّلَ الرَّشْحُ الْغَزِيرُ جَبِينَهُ)
(لا يَسْتَطِيعُ إِجَابَتِي مِنْ ضَعْفِهِ ... طَوْرًا يَكُفُّ شِمَالَهُ وَيَمِينَهُ)
(وَطَبِيبُهُ قَدْ حَارَ فِيهِ وَقَدْ رَأَى ... أَنْفَاسَهُ تَعْلُو مَعًا وَأَنِينَهُ)
(قَدْ عَافَ مَشْرُوبَاتَهُ وَطَعَامَهُ ... وَقَلَى لِذَاكَ صَدِيقَهُ وَخَدِينَهُ)
إِخْوَانِي: سَلُوا الْقُبُورَ عَنْ سُكَّانِهَا، وَاسْتَخْبِرُوا اللُّحُودَ عَنْ قُطَّانِهَا، تُخْبِرُكُمْ بِخُشُونَةِ الْمَضَاجِعِ، وَتُعْلِمُكُمْ أَنَّ الْحَسْرَةَ قَدْ ملأت واضع، فَإِنَّ الْمُسَافِرَ يَوَدُّ لَوْ أَنَّهُ رَاجِعٌ، فَلْيَتَّعِظِ الْغَافِلُ وَلْيُرَاجِعْ.
(يَا وَاقِفًا يَسْأَلُ الْقُبُورَ أَفِقْ ... فَأَهْلُهَا الْيَوْمَ عَنْكَ قَدْ شُغِلُوا)
(قَدْ هَالَهُمْ مُنْكَرٌ وَصَاحِبُهُ ... وَخَوْفُ مَا قَدَّمُوا وَمَا عَمِلُوا)
(رَهَائِنُ لِلثَّرَى عَلَى مَدَرٍ ... يُسْمَعُ لِلدُّودِ بَيْنَهُمْ زَجَلُ)
(سَرَى الْبِلَى فِي جُسُومِهِمْ فَجَرَتْ ... دَمًا وَقَيْحًا وَسَالَتِ الْمُقَلُ)
(سَكْرَى وَلَمْ يَشْرَبُوا الْفِقَارَ ومن ... كؤوس الْمَنُونِ مَا نَهَلُوا)
(يَنْتَظِرُونَ النُّشُورَ إِذْ يَقِفُ ... الأَمْلاكُ وَالأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ)
(يَوْمًا تُرَى الصُّحُفُ فِيهِ طَائِرَةً ... وَكُلُّ قَلْبٍ مِنْ أَجْلِهِ وَجِلُ)
(قَدْ دَنَتِ الشَّمْسُ مِنْ رُءُوسِهِمُ ... وَالنَّارُ قَدْ أُبْرِزَتْ لَهَا شُعَلُ)
(وَأُزْلِفَتْ جَنَّةُ النَّعِيمِ فَيَا ... طُوبَى لِقَوْمٍ بِرَبْعِهَا نَزَلُوا)
(أَكْوَابُهُمْ عَسْجَدٌ يُطَافُ بِهَا ... وَالْخَمْرُ وَالسَّلْسَبِيلُ وَالْعَسَلُ)
(وَالْحُورُ تَلْقَاهُمْ وَقَدْ هُتِكَتْ ... عَنْ وَجْهِهَا الأَسْتَارُ وَالْكِلَلُ)
الْكَلامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظالمون﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: هَذَا وَعِيدٌ لِلظَّالِمِ وَتَعْزِيَةٌ لِلْمَظْلُومِ.
1 / 91