لَهُ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ وَكُلُّ الأَهْلِ نَازِحٌ، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَهَبْ طَالِحَنَا لِصَالِحِنَا وَسَامِحْنَا فَأَنْتَ الْحَلِيمُ الْمُسَامِحُ، وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا قَبْلَ أَنْ تَشْهَدَ عَلَيْنَا الْجَوَارِحُ، وَنَبِّهْنَا مِنْ رَقَدَاتِ الْغَفَلاتِ
قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ الصَّائِحُ، وَانْفَعْنِي بِمَا أَقُولُ وَالْحَاضِرِينَ بِمَنِّكَ، فَمِنْكَ الْفَضْلُ وَالْمَنَائِحُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَقَالَ ارْكَبُوا فيها﴾
وُلِدَ نُوحٌ ﵇ بَعْدَ وَفَاةِ آدَمَ بِمِائَةٍ وَسِتٍّ وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَهُوَ نُوحُ بْنُ لمك ابن متوشلَخَ بْنِ إِدْرِيسَ.
وَلَمَّا تَمَّ لَهُ خَمْسُونَ سَنَةً بَعَثَهُ اللَّهُ ﷿، وَقِيلَ إِنَّهُ بعث بعد أربعمائة سَنَةٍ مِنْ عُمْرِهِ، وَكَانَ الْكُفْرُ قَدْ عَمَّ، فَكَانَ يَدْعُو قَوْمَهُ فَيَضْرِبُونَهُ حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ. فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يَصْنَعَ سَفِينَةً. فَغَرَسَ السَّاجَ فَتَكَامَلَ فِي أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ قَطَعَهُ فَصَنَعَهَا وَأَعَانَهُ أَوْلادُهُ، وَفَجَرَ اللَّهُ لَهُ عَيْنَ الْقَارِ تَغْلِي غَلَيَانًا حَتَّى طَلاهَا.
وَجَعَلَ لَهَا ثلاث بطون، فحمل في الْبَطْنِ الأَسْفَلِ الْوُحُوشَ وَالسِّبَاعَ وَالْهَوَامَّ، وَفِي الأَوْسَطِ الدَّوَابَّ وَالأَنْعَامَ، وَرَكِبَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْبَطْنِ الأَعْلَى.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄: كل طولها ستمائة ذراع وعرضها ثلاثمائة وَثَلاثِينَ ذِرَاعًا. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ قَالَ: كَانَ طولها ألفا ومائتي ذراع، وعرضها ستمائة ذراعا.
ثم ابتدأ الماء بحنبات الأَرْضِ فَدَارَ حَوْلَهَا كَالإِكْلِيلِ، فَجَعَلَتِ الْوُحُوشُ تَطْلُبُ وَسَطَ الأَرْضِ هَرَبًا مِنَ الْمَاءِ، حَتَّى اجْتَمَعَتْ عِنْدَ السَّفِينَةِ، فَحَمَلَ فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ.
وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَارَ التَّنُّورُ فَارْكَبْ.
وفي المرااد بِالتَّنُّورِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
1 / 73