فَأَرْبَحَهُمْ فِي الْمُعَامَلَةِ رَبُّ السَّمَاءِ، يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ.
بَذَلُوا الْمَالَ وَمَالُوا إِلَى السَّخَاءِ، وَطَرَقُوا بَابَ الْفَضْلِ بِأَنَامِلِ الرَّجَاءِ، وَتَلَمَّحُوا وَعْدَ الصَّادِقِ بِجَزِيلِ الْعَطَاءِ، وَتَأَهَّبُوا لِلْحُضُورِ يَوْمَ اللِّقَاءِ، وَقَدَّمُوا الأَمْوَالَ ثِقَةً بِالْجَزَاءِ، يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ.
أَنَاخُوا بِبَابِ الطَّبِيبِ طَلَبًا لِلشِّفَاءِ، وَصَبَرُوا رَجَاءَ الْعَافِيَةِ عَلَى شُرْبِ الدَّوَاءِ، فَإِنِ ابْتُلُوا صَبَرُوا، وَإِنْ أُعْطُوا شَكَرُوا، فَالأَمْرُ عَلَى السَّوَاءِ.
تَاللَّهِ لَقَدْ شَغَلَهُمْ حُبُّهُ عَنِ الآبَاءِ وَالأَبْنَاءِ، وَلَقَدْ عَامَلُوهُ بِإِيثَارِ الْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ [الَّذِينَ] يُنْفِقُونَ في السراء والضراء.
قوله تعالى: ﴿والكاظمين الغيظ﴾ الْكَظْمُ: الإِمْسَاكُ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ.
أَخْبَرَنَا أحمد، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو مَرْحُومٍ، عَنِ ابْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، قَالَ ابْنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ دَعَاهُ اللَّهُ تَعَالَى [يَوْمَ الْقِيَامَةِ] على رؤوس الْخَلائِقِ ثُمَّ يُخَيَّرُ أَيَّ الْحُورِ الْعِينِ شَاءَ.
قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " مَا تَجَرَّعَ عَبْدٌ جَرْعَةً أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ جَرْعَةِ غَيْظٍ يَكْظِمُهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ الناس﴾
رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: " مَا زَادَ اللَّهُ
عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلا عِزًّا ".
وقال علي ﵇: إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شُكْرًا لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ.
1 / 54