التبصرة
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
مَوْجُودٌ، فَاعْرِفْ عَلَيْكَ حَقِّي وَلا تَكُنْ مِنْ شِرَارِ خَلْقِي، فَكَمْ أَرَى زَلَّةً فَأَحْلُمُ وَأُبْقِي.
يَا قَائِمًا فِي مَقَامِ الْجَهَالَةِ قَدْ رَسَخَ، يَا مُتَكَبِّرًا عَلَى إِخْوَانِهِ قَدْ عَلا وَشَمَخَ، يَا خَارِجًا عَنِ الْحَدِّ شُغُلا بِاللَّهْوِ وَالْمَطْبَخِ، يَا مَنْ فِي بَصَرِهِ كَمَهٌ وَفِي سَمْعِهِ صَمَخٌ، يَا طَامِعًا فِي السَّلامَةِ مَعَ تَرْكِ الاسْتِقَامَةِ، أَلْقَيْتَ الْبَذْرَ فِي السَّبَخِ، مَتَى يَنْقَى قَلْبُكَ مِنْ هَذَا الدَّرَنِ وَالْوَسَخِ، مَتَى تَتَصَوَّرُ نَفْخَةَ إِسْرَافِيلَ فِي الصُّورِ إِذَا نَفَخَ.
يَا ذَا الأَمَلِ الطَّوِيلِ الْعَرِيضِ، أَمَا أَنْذَرْتُكَ الشَّعَرَاتِ الْبِيضَ، أَمَا الْمَوْتُ بَرْقٌ وَالشَّيْبُ وَمِيضٌ، عَجَبًا لِتَأْمِيلِ الْكَسِيرِ الْمَهِيضِ، لَقَدْ فَاتَ الْفَوْزُ قَدَحَ الْمُغِيضِ، يَا دَائِمَ الْخَطَإِ وَكَمْ عُلِّمَ وَرِيضَ، يَا مُعْجَبًا بِالسَّلامَةِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مَرِيضٌ، لا اللِّسَانُ مَحْفُوظٌ وَلا الْجَفْنُ غَضِيضٌ، لا بِالنَّثْرِ تَرْجِعُ إِلَيْنَا وَلا بِالْقَرِيضِ، لَقَدْ نَزَلَتْ بِكَ الْمَعَاصِي إِلَى أَسْفَلِ حَضِيضٍ.
لَيْتَ شِعْرِي بَعْدَ الْمَوْتِ إِلَى أَيْنَ تَذْهَبُ، لَقَدْ تَعَمَّى وَاللَّهِ عَلَيْكَ الْمَذْهَبُ، لا بُدَّ مَرَّةً مِنْ كَأْسِ الْحِمَامِ تَشْرَبُ، وَلِهَذِهِ الأَجْسَادِ الْمَبْنِيَّةِ أَنْ تَخْرَبَ، وَلَوْلا فِرَاخُ الْحَيَاةِ مَا كَانَتْ فِخَاخُ الْمَوْتِ تُنْصَبُ.
(مَا لِي بِمَا بَعْدَ الرَّدَى مَخْبَرُهُ ... قَدْ أَدَمَتِ الأُنُفُ هَذِهِ الْبُرَهْ)
(اللَّيْلُ والإصباح واليقظ ... وَالإِبْرَادُ وَالْمَنْزِلُ وَالْمَقْبَرَةْ)
(عِشْنَا وَجِسْرُ الْمَوْتِ قُدَّامَنَا ... فَشَمِّرُوا الآنَ لِكَيْ نَعْبُرَهْ)
(عِيسٌ تَبَارَى بِالْفَلا خدلها ... فجدلها يا رب بالمغفرة)
(أفقر بِالْمَطْعَمِ رِكَابُهَا ... وَالْقَوْمُ بِالدَّوِيَّةِ الْمُقْفِرَةْ)
(كَمْ جَاوَزُوا مِنْ حِنْدِسٍ مُظْلِمٍ ... لِيَبْلُغُوا رَحْمَتَهُ الْمُسْفِرَهْ)
1 / 273