التبصرة
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
وَتَسَاوَى فِي جَرِيرِ الآفَاتِ صَعْبُهَا وَذَلُولُهَا، أَمَا يَكْفِي الْقُلُوبَ الْغَافِلَةَ وَعْظًا دَلِيلُهَا، يَا لِنُفوسٍ أمرَضها الْهَوَى مَا يَشْفَى عَلِيلُهَا، أَمَا هَذِهِ طَرِيقُهَا أَمَا هَذِهِ سَبِيلُهَا، يَا لَهَا مِنْ مَوْعِظَةٍ كَمْ تَسْمَعُهَا وَكَمْ تَقُولُهَا.
خَلَجَ وَاللَّهِ الْبَيْنُ مِنَ الْقَوْمِ مَنْ خَلَجَ، وَأَمَّ الْمَوْتُ آمِلَهُمْ فَلا تَسْأَلْ كَيْفَ انْزَعَجَ، وَاسْتَنْزَلَ عَالِيَهُمْ في أَعَالِي الدَّرَجِ فَدَرَجَ، وَسَارُوا فِي عَسْكَرِ الْبِلَى فَأَتْلَفَهُمُ الْوَهَجُ، وَزَفَرَتْ أَبْدَانُهُمْ بَعْدَ طِيبِ الأَرَجِ، وَنَسَجَ لَهُمُ الْبِلَى ثَوْبًا فَيَا بِئْسَ مَا نَسَجَ، وَعَامُوا فِي بَحْرِ الأَسَى فَلَجَّجَ بِهِمْ فِي اللُّجَجِ، وَلَقِيَهُمْ مِنَ الْبَلايَا مَا ضُوعِفَ وَازْدَوَجَ، وَاسْتَغَاثُوا وَلَكِنْ فِي غَيْرِ أَوَانِ الْفَرَجِ، وَطَلَبُوا رَاحَةً وَلَكِنَّهُ زَمَانُ الْحَرَجِ، وَسُئِلُوا فَعَدِمُوا تَصْحِيحَ الْجَوَابِ وَتَحْقِيقَ الْحُجَجِ، فَيَا أَسَفَا لِمَسْئُولِهِمْ لا فاز ولا فلج:
(إن قومي صد عنهم توبة ... شقق البرد اليماني يعط)
(قل لأحداث رَمَى الدَّهْرُ بِهِمْ ... فَهُمْ فِي رُقَعِ الدَّهْرِ نُقَطْ)
(ذَاقَهُمْ مُسْتَحْلِيًا أَرْوَاحَهُمْ ... وَرَأَى الْمَضْغَ طَوِيلا فاشترط)
(وتواق غَيْرُ بَاقِينَ وَكَمْ ... يَلْبَثُ الْقَارِبُ مِنْ بَعْدِ الْفَرَطْ)
(وَإِذَا كَشَّفْتُ مَا يُرْمِضُنِي ... مِنْ مَضِيضِ الدَّاءِ قَالَ الْحِلْمُ غَطّ)
أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَبِيبٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَادِقٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ بَاكَوِيَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ بَكْرٍ الرُّويَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَارَسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الرَّبَعِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْفِهْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ فَتًى كَانَ عَلَى عَهْدِ الْحَسَنِ، وَكَانَ مُفَرِّطًا فِي حَقِّ اللَّهِ ﷿ فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ فِي تَفْرِيطِهِ أَخَذَهُ اللَّهُ بِالْمَرَضِ أَخْذَةً شَدِيدَةً، فَلَمَّا آلَمَهُ الْوَجَعُ نَادَى بِصَوْتٍ مُنْكَسِرٍ مَحْزُونٍ: إِلَهِي وَسَيِّدِي أَقِلْ عَثْرَتِي وَأَقِمْنِي مِنْ صَرْعَتِي، فَإِنِّي لا أَعُودُ. فَأَقَامَهُ اللَّهُ مِنْ صَرْعَتِهِ فَرَجَعَ إِلَى أَشَدَّ مِمَّا كَانَ فيه، فأخذه الله أخذة ثالثة فَقَالَ إِلَهِي أَقِلْنِي عَثْرَتِي وَأَقِمْنِي مِنْ صَرْعَتِي فَإِنِّي لا أَعُودُ أَبَدًا، فَأَقَامَهُ اللَّهُ مِنْ
1 / 264