التبصرة
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
كَانُوا فِي أَوْقَاتِ الأَسْحَارِ يَنْتَبِهُونَ، وَبِالأُسَارَى فِي الاعتذار يتشبهون، وقد تركوا النفاق فما يُمَوِّهُونَ، وَالْتَزَمُوا الصِّدْقَ فِيمَا بِهِ يَتَفَوَّهُونَ، وَإِذَا أَمُّوا فَضِيلَةً فَمَا يَنْتَهُونَ عَنْهَا حَتَّى يَنْتَهُونَ، فَقَدْ فَازُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا كَانُوا يَطْلُبُونَ ﴿وفاكهة مما يتخيرون﴾ .
قوله تعالى: ﴿وحور عين﴾ قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَابْنُ عامر وعاصم: ﴿وحور عين﴾ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ بِالْخَفْضِ فِيهِمَا. وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَعَائِشَةُ: " وَحُورًا عِينًا " بِالنَّصْبِ فِيهِمَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: الَّذِينَ رَفَعُوا كَرِهُوا الْخَفْضَ
لأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾ قَالُوا: وَالْحُورُ لَيْسَ مِمَّا يُطَافُ بِهِ. وَلَكِنَّهُ مَحْفُوظٌ عَلَى غَيْرِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ هَؤُلاءِ، لأَنَّ الْمَعْنَى: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ بِأَكْوَابٍ يُنَعَّمُونَ بِهَا، وَكَذَلِكَ يُنَعَّمُونَ بِحُورٍ عِينٍ وَالرَّفْعُ أَحْسَنُ. وَالْمَعْنَى: وَلَهُمْ حُورٌ عِينٌ وَمَنْ نَصَبَ حَمَلَهُ عَلَى الْمَعْنَى، لأَنَّ الْمَعْنَى يُعْطَوْنَ هَذِهِ الأَشْيَاءَ وَيُعْطَوْنَ حُورًا عِينًا. وَيُقَالُ: عِينٌ حَوْرَاءُ إِذَا اشْتَدَّ بَيَاضُهَا وَخَلَصَ وَاشْتَدَّ سَوَادُهَا، وَلا يُقَالُ: امْرَأَةٌ حَوْرَاءُ إِلا أَنْ تَكُونَ مَعَ حَوَرِ عَيْنِهَا بَيْضَاءَ. وَالْعِينُ: كِبَارُ الْعُيُونِ حِسَانُهَا. قَالَ: ومعنى كأمثال اللؤلؤ: أي صفاؤهن وتلألؤهن كصفاء اللؤلؤ وتلألئه. والمكنون: الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ صَدَفِهِ فَلَمْ يُغَيِّرْهُ الزَّمَانُ واختلاف أحوال الاستعمال.
" جزاء " مَنْصُوبٌ مَفْعُولٌ لَهُ، وَالْمَعْنَى: يَفْعَلُ بِهِمْ ذَلِكَ جَزَاءً بِأَعْمَالِهِمْ. قَالَ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَصْدَرٌ، لأَنَّ الْمَعْنَى: يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ يُجَازَوْنَ جَزَاءً بِأَعْمَالِهِمْ مُخَلَّدُونَ.
سَجْعٌ
عَلَى قوله تعالى: ﴿جزاء بما كانوا يعملون﴾ مَنَحَهُمْ مِنَ الْخَيْرِ مَا لَيْسَ بِمَمْنُونٍ، وَأَمَّنَهُمْ فِي الْجَنَّةِ حَوَادِثَ الْمَنُونِ،
1 / 250