التبصرة
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
رَوَاحِلُ، يَا مَنْ لَجَّ فِي لَجَّةِ الْهَوَى متى يرتقي إلى الساحل، هل لا تَنَبَّهْتَ مِنْ رُقَادٍ شَامِلٍ، وَحَضَرْتَ الْمَوَاعِظَ بِقَلْبٍ قَابِلٍ، وَقُمْتَ فِي الدُّجَى قِيَامَ عَاقِلٍ، وَكَتَبْتَ بِالدُّمُوعِ سُطُورَ الرَّسَائِلِ، تُحِفُّ بِهَا
زَفَرَاتِ النَّدَمِ كالوسائل، وبعثتها في سفينة دَمْعٌ سَائِلٌ، لَعَلَّهَا تُرْسَى بِسَاحِلٍ " هَلْ مِنْ سائل " واأسفا لِمَغْرُورٍ غَفُولٍ جَاهِلٍ قَدْ أَثْقَلَ بَعْدَ الْكُهُولَةِ بِالذَّنْبِ الْكَاهِلَ، وَضَيَّعَ فِي الْبِضَاعَةِ وَبَذَّرَ الْحَاصِلَ، وَرَكَنَ إِلَى رُكْنٍ لَوْ رَآهُ مَائِلٍ، يَبْنِي الْحُصُونَ وَيُشَيِّدُ الْمَعَاقِلَ، وَهُوَ عَنْ شَهِيدِ قَبْرِهِ مُتَثَاقِلٌ، ثُمَّ يَدَّعِي بَعْدَ هَذَا أَنَّهُ عَاقِلٌ، تَاللَّهِ لَقَدْ سَبَقَهُ الأَبْطَالُ إِلَى أَعْلَى الْمَنَازِلِ، وَهُوَ يُؤَمِّلُ فِي بَطَالَتِهِ فَوْزَ الْعَامِلِ، هَيْهَاتَ مَا عَلَّقَ بَطَّالُ بَطَائِلَ.
(إِذَا بَكَيْتَ مَا مضى من زمن ... فحق لي أن أَبْكِي وَمَنْ لِي بِالْبُكَا)
(مَنْ أَبْصَرَ الدُّنْيَا بِعَيْنِ عَقْلِهِ ... أَدْرَكَ أَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ لِلْبَقَا)
(مطية وَارِدَةٌ إِلَى الرَّدَى ... وَإِنْ تَرَاخَى الْعُمْرُ وَامْتَدَّ الْمَدَى)
(إِنْ هِيَ أَعْطَتْ كَانَ هَمًّا حَاضِرًا ... أَوْ مَنَعَتْ كَانَ عَذَابًا وَأَذَى)
(وَالْمَرْءُ رِهْنُ أَمَلٍ مَا يَنْتَهِي ... حَتَّى يُوَافِيَ أَجَلا قَدِ انْتَهَى)
كَانَ بِشْرٌ الْحَافِي إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ الْمَوْتُ يَقُولُ: يَنْبَغِي لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَمُوتُ أَنْ يَكُونَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَمَعَ زَادَهُ فَوَضَعَهُ عَلَى رَحْلِهِ لَمْ يَدَعْ شَيْئًا مِمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ إِلا وَضَعَهُ عَلَيْهِ.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَاشِمِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الأَهْوَازِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الدَّنَفَ الصُّوفِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ جَامِعِ بْنِ أَحْمَدَ قال: سمعت يحيى ابن مُعَاذٍ يَقُولُ: لِيَكُنْ بَيْتُكَ الْخَلْوَةَ وَطَعَامُكَ الْجُوعَ وَحَدِيثُكَ الْمُنَاجَاةَ، فَإِمَّا أَنْ تَمُوتَ بِدَائِكَ أَوْ تَصِلَ إِلَى دَوَائِكَ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ ظَفْرٍ، أَنْبَأَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا ابْنُ جَهْضَمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ جَعْفَرٍ الْوَرَّاقُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَكِّيُّ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ: رَأَيْتُ الْبَارِحَةَ فِي النَّوْمِ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ لَهُ الْفُضَيْلُ: ألست حامل القرآن؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ فَتَنَامُ
1 / 229