169

التبصرة

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

الفراء: جعلت يبلغن فعلا لأحدهما، وَكُرِّرَ عَلَيْهِ " ﴿كِلاهُمَا﴾ " وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: " ﴿يَبْلُغَانِ﴾ " عَلَى التَّثْنِيَةِ، لأَنَّهُمَا قَدْ ذُكِرَا قَبْلَ ذَلِكَ. ثم قال: " ﴿أحدهما أو كلاهما﴾ " على الاستئناف كقوله " ﴿فعموا وصموا﴾ " ثم استأنف فقال: " ﴿كثير منهم﴾ ".
﴿فلا تقل لهما أف﴾ أَيْ لا تَقُلْ لَهُمَا كَلامًا تَتَبَرَّمُ فِيهِ بِهِمَا إِذَا كَبِرَا؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ
اللُّغَوِيُّ: أَصْلُ أُفٍّ نَفْخُكَ الشَّيْءِ يَسْقُطُ عَلَيْكَ مِنْ تُرَابٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلِلْمَكَانِ تُرِيدُ إِمَاطَةَ الأَذَى عَنْهُ، فَقِيلَتْ لِكُلِّ مُسْتَقِلٍّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلا تنهرهما﴾ أَيْ لا تُكَلِّمْهُمَا ضَجَرًا صَائِحًا فِي وُجُوهِهِمَا. قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: لا تُنْفِضْ يَدَكَ عَلَيْهِمَا. قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّمَا نَهَى عَنِ الأَذَى لَهُمَا فِي حَالَةِ الْكِبَرِ وَإِنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي كُلِّ حَالٍ، لأَنَّ حَالَ الْكِبَرِ يَظْهَرُ فِيهَا مِنْهُمَا مَا يُضْجِرُ وَيُؤْذِي، وتكثر خدمتهما.
﴿وقل لهما قولا كريما﴾ أَيْ لَيِّنًا لَطِيفًا أَحْسَنَ مَا تَجِدُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: قَوْلَ الْعَبْدِ الْمُتَذَلِّلِ لِلسَّيِّدِ الفظ.
﴿واخفض لهما جناح الذل﴾ أَيْ أَلِنْ لَهُمَا جَانِبَكَ مُتَذَلِّلا لَهُمَا مِنْ رَحْمَتِكَ إِيَّاهُمَا. وَخَفْضُ الْجَنَاحِ عِبَارَةٌ عَنِ السُّكُونِ وَتَرْكُ التَّصَعُّبِ وَالإِيذَاءِ ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا ربياني صغيرا﴾ أَيْ مِثْلَ رَحْمَتِهِمَا إِيَّايَ فِي صِغَرِي حِينَ رَبَّيَانِي.
أَخْبَرَنَا هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا مِسْعَرٌ وَسُفْيَانُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْمَكِّيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ النَّبِيَّ ﷺ فِي الْجِهَادِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " أحي والدك؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ ".
أَخْرَجَاهُ فِي الصحيحين.

1 / 189