التبصرة
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
بِهِ، وَالْخَرَاجُ: مَا لَزِمَكَ أَدَاؤُهُ. ﴿قَالَ مَا مكني فيه ربي خير﴾ مما تبذلون ﴿فأعينوني بقوة﴾ قَالَ مُجَاهِدٌ: بِالرِّجَالِ وَقَالَ ابْنُ السَّائِبِ: بِالآلَةِ. وَالرَّدْمُ: الْحَاجِزُ. وَالزُّبَرُ: الْقِطَعُ وَالصَّدَفَانِ: جَانِبَا الْجَبَلِ.
قَالَ عُلَمَاءُ السِّيَرِ: لَمَّا وَصَلَ إِلَى مُدُنٍ ممطلة قَدْ بَقِيَ فِيهَا بَقَايَا سَأَلُوهُ أَنْ يَسُدَّ مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، فَأَمَرَ الصُّنَّاعَ فَضَرَبُوا اللَّبِنَ مِنَ الْحَدِيدِ، طُولُ كُلِّ لَبِنَةٍ ذِرَاعٌ وَنِصْفٌ وَسُمْكُهَا شِبْرٌ.
وَرَوَى سَلامٌ التَّرْجُمَانُ قَالَ: بَعَثَنِي الْوَاثِقُ إِلَى السَّدِّ وَضَمَّ إِلَيَّ خَمْسِينَ رَجُلا، وَأَعْطَانَا مَالا، فَمَا زِلْنَا نَتَنَقَّلُ الْبِلادَ وَتَبْعَثُ الْمُلُوكُ مَعَنَا الأَدِلاءَ إِلَى أَنْ صِرْنَا إِلَى أَرْضٍ سَوْدَاءَ مُنْتِنَةِ الرِّيحِ، فَسِرْنَا فِيهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ صِرْنَا إِلَى مُدُنٍ خَرَابٍ فَسِرْنَا فِيهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ يَطْرُقُونَهَا، ثُمَّ صِرْنَا إِلَى حُصُونٍ بِالْقُرْبِ
مِنَ السَّدِّ وَفِيهَا قَوْمٌ يتكلمون بالعربية والفارسية مسلمون يقرأون الْقُرْآنَ، فَسَأَلُونَا: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتُمْ؟ قُلْنَا: نَحْنُ رُسُلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. قَالُوا: مَا سَمِعْنَا بِهَذَا قَطُّ. ثُمَّ صِرْنَا إِلَى جَبَلٍ أَمْلَسَ وَفِيهِ السَّدُّ، وَهُنَاكَ بَابٌ حَدِيدٌ لَهُ مِصْرَاعَانِ مُغْلَقَانِ، عَرْضُ كُلِّ مِصْرَاعٍ خَمْسُونَ ذِرَاعًا فِي ارْتِفَاعِ خَمْسِينَ فِي ثِخَنِ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ، وَقَائِمَتَاهُمَا فِي دَوَّارَةٌ، وَعَلَى الْبَابِ قُفْلٌ طُولُهُ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ فِي غِلَظِ ذِرَاعٍ، وَارْتِفَاعُ الْقُفْلِ مِنَ الأَرْضِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَفَوْقَ الْقُفْلِ بِقَدْرِ خَمْسَةِ أَذْرُعٍ غَلَقٌ طُولُهُ أَكْثَرُ مِنْ طُولِ الْقُفْلِ وَقَفِيزٌ، وَعَلَى الْغَلَقِ مِفْتَاحٌ مُعَلَّقٌ فِي سِلْسِلَةٍ طولها ثمان أَذْرُعٍ فِي اسْتِدَارَةِ أَرْبَعَةِ أَشْبَارٍ، وَعَتَبَةُ الْبَابِ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ، وَرَئِيسُ تِلْكَ الْحُصُونِ يَرْكَبُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ فِي عَشَرَةِ فَوَارِسَ، مَعَ كُلِّ فَارِسٍ مِرْزَبَةٌ حَدِيدٌ، فَيُضْرَبُ الْقُفْلُ بِتِلْكَ الْمِرْزَبَاتِ مَرَّاتٍ لِيَسْمَعُوا الصَّوْتَ فَيَعْلَمُوا أَنَّ هُنَاكَ حَفَظَةٌ.
وَقَدْ رُوِّينَا أَنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَ السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ. أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ الْمُذْهِبِ، أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ لَيَحْفِرُونَ السَّدَّ كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى
1 / 172