150

التبصرة

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

وَفِي زَمَانِ كَوْنِهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ الأُولَى مِنْ وَلَدِ يَافِثَ بن نوح. قاله علي ﵇. وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ بَعْدَ ثَمُودَ. قَالَهُ الْحَسَنُ. وَالثَّالِثُ: كَانَ فِي الْفَتْرَةِ بَيْنَ عِيسَى وَمُحَمَّدٍ ﵉. قَالَهُ وَهْبٌ وَفِيهِ بُعْدٌ.
قَوْلُهُ تعالى: ﴿سأتلو عليكم منه ذكرا﴾ أَيْ خَبَرًا يَتَضَمَّنُ ذِكْرَهُ ﴿إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ في الأرض﴾ أَيْ سَهَّلْنَا عَلَيْهِ السَّيْرَ فِيهَا. قَالَ عَلِيٌّ ﵇: إِنَّهُ أَطَاعَ اللَّهَ فَسَخَّرَ لَهُ السَّحَابَ، فَحَمَلَهُ عَلَيْهِ وَمَدَّ لَهُ فِي الأَسْبَابِ وَبَسَطَ لَهُ النُّورَ، فَكَانَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ. قَالَ محاهد: مَلَكَ الأَرْضَ مُؤْمِنَانِ وَكَافِرَانِ. فَالْمُؤْمِنَانِ: سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَذُو الْقُرْنَيْنِ. وَالْكَافِرَانِ: نُمْرُودُ وَبُخْتُنَصَّرُ.
قَوْلُهُ تعالى: ﴿وآتيناه من كل شيء سببًا﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عِلْمُ مَا يُتَسَبَّبُ بِهِ إِلَى
مَا يُرِيدُ. وَقِيلَ: هُوَ الْعِلْمُ بِالطُّرُقِ والمسالك ﴿فأتبع سببا﴾ أَيْ قَفَا الأَثَرَ. وَقَرَأَ عَاصِمٌ وَابْنُ عَامِرٍ وحمزة والكسائي: ﴿فاتبع﴾ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلاثَةِ. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: التَّقْدِيرُ فأتبع سببًا سببًا. والسبب: الطريق.
قوله تعالى: ﴿في عين حمئة﴾ أَيْ ذَاتِ حَمْأَةٍ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ: ﴿حَامِيَةٍ﴾ أَيْ حَارَّةٍ. قَالَ الْحَسَنُ: وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي مَاءٍ يَغْلِي كَغَلَيَانِ الْقِدْرِ وَيَفِيضُ مِنَ الْمَاءِ تِلْكَ الْعَيْنُ الْحَارَّةُ حَتَّى يَفِيضَ حَوْلَهَا مَسِيرَةَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فَلا يَأْتِي عَلَى شَيْءٍ إِلا احْتَرَقَ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا لِبَاسُهُمْ جُلُودُ السِّبَاعِ وَلَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مَا أَحْرَقَتِ الشَّمْسُ مِنَ الدَّوَابِّ إِذَا غَرَبَتْ نَحْوَهَا وَمَا لَفِظَتِ الْعَيْنُ مِنَ الْحِيتَانِ.
﴿قُلْنَا يَا ذَا القرنين﴾ مَنْ قَالَ هُوَ نَبِيٌّ قَالَ: هَذَا وَحْيٌ، وَمَنْ قَالَ لَيْسَ بِنَبِيٍّ قَالَ: إِلْهَامٌ ﴿إِمَّا أن تعذب﴾ أَيْ تَقْتُلُهُمْ إِنْ أَبَوْا مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، وَإِمَّا أَنْ تَأْسِرَهُمْ فَتُبَصِّرَهُمُ الرَّشَدَ. ﴿قَالَ أَمَّا من ظلم﴾ أي أشرك ﴿فسوف نعذبه﴾ بِالْقَتْلِ إِذَا لَمْ يَرْجِعْ عَنِ الشِّرْكِ ﴿ثُمَّ يرد إلى ربه﴾ فَيُعَذِّبُهُ بِالنَّارِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى﴾ قَالَ الْفَرَّاءُ: الْحُسْنَى الْجَنَّةُ وَأُضِيفَ الْجَزَاءُ

1 / 170