التبصرة
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
فكتب إليه الغلام:
(مالي جُفِيتُ وَكُنْتُ لا أُجْفَى ... وَدَلائِلُ الْهِجْرَانِ لا تَخْفَى)
(وَأَرَاكَ تَمْزُجُنِي وَتَشْرَبُنِي ... وَلَقَدْ عَهِدْتُكَ شَارِبِي صَرْفَا)
فَقَلَبَ الرُّقْعَةَ وَكَتَبَ فِي ظَهْرِهَا:
(التَّصَابِي مَعَ الشَّمَطِ ... سَمَتْنِي خَطَّةَ شَطَطِ)
(لا تَلُمْنِي عَلَى جَفَايَ ... فَحَسْبِي الَّذِي فَرَطِ)
(أَنَا رِهْنٌ بِمَا جَنَيْتُ ... فَذَرْنِي مِنَ الْغَلَطِ)
(قَدْ رَأَيْنَا أَبَا الْخَلائِقِ ... فِي زَلَّةٍ هَبَطِ)
إِخْوَانِي: الدُّنْيَا سُمُومٌ قَاتِلَةٌ، وَالنُّفُوسُ عَنْ مَكَائِدِهَا غَافِلَةٌ، كَمْ مَنْ نَظْرَةٍ تَحْلُو فِي الْعَاجِلَةِ، مَرَارَتُهَا لا تطاق في الآجلة، يا بن آدَمَ قَلْبُكَ قَلْبٌ ضَعِيفٌ، وَرَأْيُكَ فِي إِطْلاقِ الطَّرْفِ رَأْيٌ سَخِيفٌ، يَا طِفْلَ الْهَوَى مَتَى يُؤْنَسُ مِنْكَ رَشَدٌ، عَيْنُكَ مُطْلَقَةٌ فِي الْحَرَامِ، وَلِسَانُكَ مُهْمَلٌ فِي الآثَامِ وَجَسَدُكَ يَتْعَبُ فِي كَسْبِ الْحُطَامِ، كَمْ نَظْرَةٍ مُحْتَقَرَةٍ زَلَّتْ بِهَا الأَقْدَامُ.
(فَتَبَصَّرْ وَلا تَشِمْ كُلَّ بَرْقٍ ... رُبَّ بَرْقٍ فِيهِ صَوَاعِقُ حِينِ)
(وَاغْضُضِ الطَّرْفَ تَسْتَرِحْ مِنْ غَرَامٍ ... تَكْتَسِي فِيهِ ثَوْبَ ذُلٍّ وَشَيْنِ)
(فَبَلاءُ الْهَوَى مُوَافَقَةُ النَّفْسِ ... وَبَدْءُ الْهَوَى طُمُوحُ الْعَيْنِ)
سَجْعٌ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يغضوا من أبصارهم﴾ يَا عَجَبًا لِلْمَشْغُولِينَ بِأَوْطَارِهِمْ عَنْ ذِكْرِ أَخْطَارِهِمْ، لَوْ تَفَكَّرُوا فِي حَالِ صَفَائِهِمْ فِي أَكْدَارِهِمْ، لما سلكوا طريق اغترارهم، ما يَكْفِي فِي وَعْظِهِمْ وَازْدِجَارِهِمْ: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا من أبصارهم﴾ .
1 / 166