126

التبصرة

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

الصَّافِيَةِ، وَلِمُقَدِّمِ حُبِّ الأَمْرَاضِ عَلَى الْعَافِيَةِ، أَيُّهَا الْمُسْتَوْطِنُ بَيْتَ غُرُورِهِ تَأَهَّبْ لإِزْعَاجِكَ، أَيُّهَا الْمُسْرُورُ بِقُصُورِهِ تَهَيَّأْ لإِخْرَاجِكَ، خُذْ عُدَّتَكَ وَقُمْ فِي قَضَاءِ حَاجَتِكَ قَبْلَ فِرَاقِ أَوْلادِكَ وَأَزْوَاجِكَ، مَا الدُّنْيَا دَارُ مَقَامِكَ، بَلْ حَلْبَةُ إِدْلاجِكَ:
(أَيُّهَا النَّاكِبُ عَنْ نَهْجِ الْهُدَى ... وَهُوَ بَادٍ وَاضِحٌ لِلسَّالِكِينْ)
(إِلْهُ عَنْ ذِكْرِ التَّصَابِي إِنَّهُ ... سَرَفٌ بَعْدَ بُلُوغِ الأَرْبَعِينْ)
(وَاجْعَلِ التَّقْوَى مَعَاذًا تَحْتَمِي ... بِحِمَاهُ إِنَّهُ حِصْنٌ حَصِينْ)
(وَاسْأَلِ اللَّهَ تَعَالَى عَفْوَهُ ... وَاسْتَعِنْهُ إِنَّهُ خَيْرُ مُعِينْ)
أَتَأْمَنُ بَطْشَ ذِي الْبَطْشِ، وَتُبَارِزُهُ عَالِمًا بِرُؤْيَتِهِ وَلَمْ تَخْشَ، يَا مَنْ إِذَا وَزَنَ طَفَّفَ وَإِذَا بَاعَ غش، أنسيت النزول فِي بَيْدَاءِ الدَّبِيبِ وَالْوَحْشِ، أَنَسِيتَ الْحُلُولَ فِي لَحْدٍ خَشِنِ الْفَرْشِ، يَا مُغْتَرًّا بِزُخْرُفِ الْهَوَى قَدْ أَلْهَاهُ النَّقْشُ، إِذَا جَنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ فَعَلَى مَنِ الأَرْشُ، يَا مَنْ إِذَا جَاءَ الْفَرْضُ الْتَوَى وَإِذَا حَانَ اللَّهْوُ هَشَّ، يَا من لا يصبر لِلْقَضَاءِ وَلَوْ عَلَى خَدْشٍ، كُنْ مُسْتَيْقِظًا فَإِنَّكَ بِعَيْنِ ذِي الْعَرْشِ:
(تَعَلَّلُ بِالآمَالِ وَالْمَوْتُ أَسْرَعُ ... وَتَغْتَرُّ بِالأَيَّامِ وَالْوَعْظُ أَنْفَعُ)
(وَمَا الْمَرْءُ إِمَّا لَمْ يَمُتْ فَهُوَ ذَائِقٌ ... فِرَاقَ الأَخِلاءِ الَّذِي هُوَ أَوْجَعُ)
(فَوَدِّعْ خَلِيلَ النَّفْسِ قَبْلَ فِرَاقِهِ ... فَمَا النَّاسُ إِلا ظَاعِنٌ أَوْ مُوَدِّعُ)
يَا حَزِينًا عَلَى فِرَاقِ مَوْتَاهُ، كَئِيبًا لِمَطْلُوبِ مَا وَاتَاهُ، كَأَنَّهُ بِالْمَوْتِ قَدْ أَتَاهُ، فَأَلْحَقَهُ مَا أباه أباه، ووافاه ما أطيق [فَاهُ] فَمَا فَاهَ:
(يَا كَثِيرَ الْحِرْصِ مَشْغُولا ... بِدُنْيَا لَيْسَ تَبْقَى)
(مَا رَأَيْنَا الْحِرْصَ أَدْنَى ... مِنْ حَرِيصٍ قَطُّ رِزْقَا)
(لا وَلَكِنْ فِي قَضَاءِ اللَّهِ ... أَنْ نَعْنَى وَنَشْقَى)
(قَدْ رَأَيْنَا الْمَوْتَ أَفْنَى ... قَبْلَنَا خَلْقًا فَخَلْقَا)
(دُرِّجُوا قَرْنًا فَقَرْنًا ... وَبَقَى مَنْ لَيْسَ يَبْقَى)
قَدِمَ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ ابْنُ عَمٍّ لَهُ فَقَالَ لَهُ: مِنْ أَيْنَ أَقْبَلْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ طَلَبِ الدُّنْيَا. فَقَالَ: هَلْ أَدْرَكْتَهَا؟ قَالَ: لا. قَالَ: واعجبا! أَنْتَ تَطْلُبُ شَيْئًا لَمْ تُدْرِكْهُ،

1 / 146