التبصرة
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
قَالُوا: وَوُلِدَ لإِسْمَاعِيلَ اثْنَا عَشَرَ وَلَدًا وَاتَّخَذَهُ اللَّهُ نَبِيًّا، وَبَعَثَهُ إِلَى الْعَمَالِيقِ وَجُرْهُمٍ وَقَبَائِلَ الْيَمَنِ، فَنَهَاهُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ وَتُوُفِّيَتْ هَاجَرُ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعِينَ سَنَةً وَلإِسْمَاعِيلَ عِشْرُونَ سَنَةً، فدفنها في الحجر وعاش مِائَةً وَسَبْعًا وَثَلاثِينَ سَنَةً، وَكَانَ قَدْ شَكَا إِلَى رَبِّهِ حَرَّ مَكَّةَ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ أَنِّي أَفْتَحُ لَكَ بَابًا مِنَ الْجَنَّةِ في الْحِجْرَ يَجْرِي عَلَيْكَ مِنْهُ الرَّوْحُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَفِي الْحِجْرِ قَبْرُهُ.
وَلَمَّا تُوُفِّيَ دَبَّرَ أَهْلُ الْحَرَمِ بَعْدَهُ ابْنَهُ نَابِتَ، وَيُقَالُ نبتُ، ثُمَّ غَلَبَتْ جُرْهُمٌ عَلَى الْبَيْتِ وَانْهَدَمَ، فَبَنَتْهُ الْعَمَالِقَةُ، ثُمَّ بَنَتْهُ جُرْهُمٌ.
وَقَصَدَهُ أَصْحَابُ الْفِيلِ.
وَكَانَ السَّبَبُ أَنَّ أَبْرَهَةَ بَنَى كَنِيسَةً وَأَرَادَ أَنْ يَصْرِفَ إِلَيْهَا الْحَجَّ، فَسَمِعَ بِذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ فَأَحْدَثَ فِيهَا، فَغَضِبَ أَبْرَهَةُ وَقَصَدَ الْكَعْبَةَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَكَّةَ أَغَارَ أَصْحَابُهُ عَلَى نَعَمِ النَّاسِ فَأَصَابُوا إِبِلا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، ثُمَّ قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ: سَلْ عَنْ شَرِيفِ مَكَّةَ. فَأُتِيَ بِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ: مَا حَاجَتُكَ؟ قَالَ: حَاجَتِي أَنْ تَرُدَّ عَلَيَّ إِبِلِي. قَالَ: أَوَّلا تَسْأَلُنِي عَنْ بَيْتٍ هُوَ دِينُكَ ودين آبائك؟ فقال: أنا رب هذا الإِبِلِ، وَلِهَذَا الْبَيْتِ رَبٌّ يَمْنَعُهُ!
فَأَمَرَ قُرَيْشًا أَنْ يَتَفَرَّقُوا فِي الشِّعَابِ وَأَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ:
(يَا رَبِّ لا أَرْجُو لَهُمْ سِوَاكَا ... يَا رَبِّ فَامْنَعْ مِنْهُمْ حِمَاكَا)
(إِنَّ عَدُوَّ الْبَيْتِ مَنْ عَادَاكَا ... امْنَعْهُمْ أَنْ يُخْرِبُوا قراكا)
ثم قال:
(لا هم إِنَّ الْمَرْءَ يَمْنَعُ رَحْلَهُ ... وَحِلالَهُ فَامْنَعْ رِحَالَكَ)
(لا يغلبن صليبهم ... ومحالهم غدوًا مِحَالَكَ)
(جَرُّوا جُمُوعَ بِلادِهِمْ ... وَالْفِيلَ كَيْ يَسْبُوا عِيَالَكَ)
(عَمَدُوا حِمَاكَ بِكَيْدِهِمْ ... جَهْلا وَمَا رَقَبُوا جَلالَكَ)
(إِنْ كُنْتَ تَارِكَهُمْ وَكَعْبَتَنَا ... فَأْمُرْ مَا بدا لك)
1 / 131