فقال لها وأنت أيضا طالق فقالت له الثالثة قبحك الله فوالله لقد كانتا إليك محسنتين وعليك مفضلتين فقال وأنت أيتها المعددة أياديهما طالق أيضا فقالت له الرابعة وكانت هلالية وفيها أناة شديدة ضاق صدرك عن أن تؤدب نساءك إلا بالطلاق فقال لها وأنت طالق أيضا وكان ذلك بمسمع جارة له فأشرفت عليه وقد سمعت كلامه فقالت والله ما شهدت العرب عليك وعلى قومك بالضعف إلا لما بلوه منكم ووجدوه فيكم أبيت إلا طلاق نسائك فى ساعة واحدة قال وأنت أيضا أيتها المؤنبة المتكلفة طالق إن أجاز زوجك فأجابه من داخل بيته قد أجزت قد أجزت المغيرة وزوجته فارعة كنت فبنت ودخل المغيرة بن شعبة على زوجته فارعة الثقفية وهى تتخلل حين انفلت من صلاة الغداة فقال لها لئن كنت تتخللين من طعامك اليوم إنك لجشعة وإن كنت تتخللين من طعام البارحة إنك لشبعة كنت فبنت فقالت والله ما اغتبطنا إذ كنا ولا أسفنا إذ بانت بنا وما هو لشيء مما ذكرت ولكنى استكنت فتخللت لسواك فخرج المغيرة نادما على ماكان منه فلقيه يوسف بن أبى عقيل فقال له إنى نزلت الآن عن سيدة نساء ثقيف فتزوجها فإنها ستنجب فتزوجها فولدت له الحجاج الحسن وعائشة بنت طلحة رد جميل وقال الحسن بن على بن حسين لامرأته عائشة بنت طلحة أمرك بيدك فقالت قد كان عشرين سنة بيدك فاحسنت حفظه فلم أضيعه إذ صار بيدى ساعة واحدة وقد صرفته إليك فأعجبه ذلك منها وأمسكها لرجل فى طلاق امرأته إلى غير رجعة وقال أبو عبيدة طلق رجل امرأته وقال لقد طلقت أخت بنى غلاب طلاقا ما أظن له ارتدادا ولم أك كالمعدل أو أويس إذا ما طلقا ندما فعادا فارقها قبل أن تفرق شمله ونكح رجل أمرأة من عدى فلما اهتداها رأت ربع داره أحسن ربع شمل عياله أجمل شمل فقالت أما والله لئن بقيت لهم لأشتتن أمرهم وقالت فى ذلك أرى نارا سأجعلها إرينا وأترك أهلها شتى عزينا فلما انتهى ذلك إلى زوجها طلقها وقال فى ذلك ألا قالت هدى بنى عدى أرى نارا سأجعلها إرينا فبينى قبل أن تلحى عصانا ويصبح أهلنا شتى عزينا قمة الكراهية وقيل لابن عباس ما تقول فى رجل طلق امرأته عدد نجوم السماء قال يكفيه من ذلك عدد كواكب الجوزاء لا أمل فيه وقيل لأعرابى هل لك فى النكاح قال لو قدرت أن أطلق نفسى لطلقتها هكذا تكون الإخوان وعن الزهرى قال قال أبو الدرداء لامرأته إذا رأيتنى غضبت فترضينى وإن رأيتك غضبت ترضيك وإن رأيتك غضبت ترضيك وإلا لم نصطحب قال الزهرى وهكذا تكون الإخوان بانت فلم يألم لها قلبى قال الأصمعى كنت أختلف إلى أعرابى أقتبس منه الغريب فكنت إذا استأذنت عليه يقول يا أمامة ائذنى له فتقول ادخل فاستأذنت عليه مرارا فلم أسمعه يذكر أمامة فقلت يرحمك الله ما أسمعك تذكر أمامة قال فوجم وجمة فندمت على ما كان منى ثم أنشأ يقول ظعنت أمامة بالطلاق ونجوت من غل الوثاق بانت فلم يألم لها قلبى ولم تبك المآقى لو لم يرح بطلاقها لأرحت نفسى بالإباق ودواء مالا تشتهيه النفس تعجيل الفراق والعيش ليس يطيب من إلفين من غير اتفاق ألذ من ليلة العرس وعن الشيبانى طلق أبو موسى امرأته وقال فيها تجهزى للطلاق وارتحلى فذا دواء المجانب الشرس ما أنت بالجنة الولود ولا عندك نفع يرجى لملتمس لليلتى حين بنت طالقة ألذ عندى من ليلة العرس بت لديها بشر منزلة لا أنا فى لذة ولا أنس تلك على الخسف لا نظير لها وإننى ما يسوغ لى نفسى ابن زبان والزبير تلك راضية بموضعها أقبل منظور بن زبان بن سيار الفزارى إلى الزبير فقال إنما زوجناك ولم نزوج عبد الله قال ماله قال إنها تشكوه قال يا عبد الله طلقها قال عبد الله هى طالق قال ابن منظور أنا ابن قهرم قال الزبير أنا ابن صفية أتريد أن يطلق المنذر أختها قال لا تلك راضية بموضعها خديجة بين محمد وإبراهيم محمد هو الدنيا لا يدوم نعيمها وتزوج محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان خديجة بنت عروة بن الزبير فذكر له جمالها وكان يقال له المذهب من حسنه وكان رجلا مطلاقا فقالت محمد هو الدنيا لا يدوم نعيمها فلما طلقها خطبها إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومى فكتب إليها أعيذك بالرحمن من عيش شقوة وأن تطمعى يوما إلى غير مطمع إذا ما ابن مظعون تحدر وسقه عليك فبونى بعد ذلك أو دعى الحجاج وزواجه بابنة جعفر وصلتك رحم وعن العتبى عن أبيه قال أمهر الحجاج ابنة عبد الله بن جعفر تسعين ألف دينار فبلغ ذلك خالد بن يزيد بن معاوية فأمهل عبد الملك حتى إذا أطبق الليل دق عليه الباب فأذن له عبد الملك ودخل عليه فقال له ما هذا الطروق أبا يزيد قال أمر والله لم ينتظر له الصبح هل هل علمت أن أحدا كان بينه وبين من عادى ما كان بين آل أبى سفيان وآل الزبير بن العوام فإنى تزوجت إليهم فما فى الأرض قبيلة من قريش أحب إلى منهم فكيف تركت الحجاج وهو سهم من سهامك يتزوج إلى بنى هاشم وقد علمت ما يقال فيهم فى آخر الزمان قال وصلتك رحم وكتب إلى الحجاج يأمره بطلاقها وألا يراجعه فى ذلك فطلقها فأتاه الناس يعزونه وفيهم عمرو بن عتبة فجعل الحجاج يقع بخالد ويتنقصه ويقول إنه صير الأمر إلى من هو أولى به منه وإنه لم يكن لذلك أهلا فقال له عمرو بن عتبة إن خالدا أدرك من قبله وأتعب من بعده وعلم علما فسلم الامر إلى أهله ولو طلب بتقديم لم يغلب عليه أو بحديث لم يسبق إليه فلما سمعه الحجاج استحى فقال يا بن عتبة إنا نسترضيكم بأن نعتب عليكم ونستعطفكم بأن ننال منكم وقد غلبتم على الحلم فوثقنا لكم به وعلمنا أنكم تحبون أن تحلموا فتعرضنا للذين تحبون من طلق امرأته ثم تبعها نفسه بين العريان وبنت عمران إن الغزال الذى ضيعت مشغول الهيثم بن عدى قال كانت تحت العريان بن الأسود بنت عم له فطلقها فتبعها نفسه فكتب إليها يعرض إليها بالرجوع فكتبت إليه إن كنت ذا حاجة فاطلب لها بدلا إن الغزال الذى ضيعت مشغول فكتب إليها من كان ذا شغل فالله يكلؤه وقد لهونا به والحبل موصول وقد قضينا من استطرافه طرفا وفى الليالى وفي أيامها طول والوليد وزوجته سعدى ما كنت لتعذب عينين نظرتا إلى سعدى وطلق الوليد بن يزيد امرأته سعدى فلما تزوجت اشتد ذلك عليه وندم على ما كان منه فدخل عليه أشعب فقال له أبلغ سعدى عنى رسالة ولك منى خمسة آلاف درهم فقال عجلها فأمر له بها فلما قبضها قال هات رسالتك فأنشده أسعدى ما إليك لنا سبيل ولا حتى القيامة من تلاق بلى ولعل دهرا أن يؤاتى بموت من خليلك أو فراق فأتاها فاستأذن فدخل عليها فقالت له ما بدالك فى زيارتنا يا أشعب فقال يا سيدتى أرسلنى إليك الوليد برسالة وأنشدها الشعر فقالت لجواريها خذن هذا الخبيث فقال يا سيدتى أرسلنى إليك الوليد برسالة وأنشدها الشعر فقالت لجواريها خذن هذا الخبيث فقال يا سيدى إنه جعل لى خمسة آلاف درهم قالت والله لأعاقبن أو لتبلغن إليه ما أقول لك قال سيدتى اجعلى شيئا قالت لك بساطى هذا قال قومى عنه فقامت عنه وألقاه على ظهره وقال هاتى رسالتك فقالت أنشده أتبكى على سعدى وأنت تركتها فقد ذهبت سعدى فما أنت صانع فلما بلغه وأنشده الشعر سقط فى يده وأخذته كظمة ثم سرى عنه فقال اختر واحدة من ثلاث إما ان نقتلك وإما أن نطرحك من هذا القصر وإما أن نلقيك إلى هذه السباع فتحير اشعب وأطرق حينا ثم رفع رأسه فقال يا سيدى ما كنت لتعذب عينين نظرتا إلى سعدى فتبسم وخلى سبيله ابن أبى بكر وامرأته في غير شىء تطلق وممن طلق امرأته فتبعتها نفسه عبد الرحمن بن أبى بكر أمره أبوه بطلاقها ثم دخل عليه فسمعه يتمثل فلم أر مثلى طلق اليوم مثلها ولم أر مثلها في غير شىء تطلق فأمره بمراجعتها الفرزدق ونوار وكانت جنتى فخرجت منها وممن طلق امرأته فتبعتها نفسه الفرزدق الشاعر طلق النوار ثم ندم في طلاقها وقال ندمت ندامة الكسعى لما غدت منى مطلقة نوار وكانت جنتى فخرجت منها كآدم حين أخرجه الضرار فأصبحت الغداة ألوم نفسى بأمر ليس لى فيه خيار من أخبار النوار وكانت النوار بنت عبد الله قد خطبها رجل رضيته وكان وليها غائبا وكان الفرزدق وليها إلا أنه كان أبعد من الغائب فجعلت أمرها إلى الفرزدق وأشهدت له بالتفويض إليه فلما توثق منها بالشهود أشهدهم أنه قد زوجها من نفسه فأبت منه ونافرته إلى عبد الله بن الزبير فنزل الفرزدق على حمزة بن عبد الله ابن الزبير ونزلت النوار على زوجة عبد الله بن الزبير وهى بنت منظور بن زبان فكان كل ما أصلح حمزة من شأن الفرزدق نهارا أفسدته المرأة ليلا حتى غلبت المرأة وقضى ابن الزبير على الفرزدق فقال أما البنون فلم تقبل شفاعتهم وشفعت بنت منظور بن زبانا ليس الشفيع الذى يأتيك مؤتزرا مثل الشفيع الذى يأتيك عريانا وقال الفرزدق فى مجلس ابن الزبير وما خاصم الأقوام من ذى خصومة كورهاء مدنو إليها خليلها فدونكها يا بن الزبير فإنها ملعنة يوهى الحجارة قيلها فقال ابن الزبير إن هذا شاعر وسيهجونى فإن شئت ضربت عنقه وإن كرهت ذلك فاختاري نكاحه وقرى فقرت واختارت نكاحه ومكثت عنده زمانا ثم طلقها وندم فى طلاقها إن فى نفسى من النوار شيئا وعن الاصمعى عن المعتمر بن سليمان عن أبى مخروم عن راوية الفرزدق قال قال لى الفرزدق يوما امض بنا إلى حلقة الحسن فإنى أريد أن اطلق النوار فقلت له إنى أخاف أن تتبعها نفسك ويشهد عليك الحسن وأصحابه قال انهض بنا فجئنا حتى وقفنا على الحسن فقال الفرزدق كيف أصبحت أبا سعيد قال بخير كيف أصبحت يا أبا فراس فقال تعلمن أنى طلقت النوار ثلاثا قال الحسن وأصحابه قد سمعنا فانطلقنا فقال لى الفرزدق يا هذا إن فى نفس من النوار شيئا فقلت حذرتك فقال ندمت ندامة الكسعى لما غدت منى مطلقة نوار وكانت حنتى فخرجت منها كآدم حين أخرجه الضرار ولو أنى ملكت بها يمينى لكان على للقدر الخيار قيس بن ذريح وطلاق امرأته فأصبحت الغداة ألوم نفسى وممن طلق امرأته وتبعها نفسه قيس بن الذريح وكان أبوه أمر بطلاقها فطلقها وندم فقال فى ذلك فوا كبدى على تسريح لبنى فكان فراق لبنى كالخداع تكنفنى الوشاة فأزعجونى فيا للناس للواشى المطاع فأصبحت الغداة ألوم نفسى على أمر وليس بمستطاع كمغبون يعض على يديه تبين غبنه بعد البياع أبعد صحبة خمسين سنة وطلق رجل امرأته فقالت أبعد صحبة خمسين سنة فقال مالك عندنا ذنب غيره رضت الصعاب فلم تحسن رياضتها ابن أم الحكم بين رجل وامرأته العتبى قال جاء رجل بامرأة كأنها برج فضة لى عبد الرحمن بن أم الحكم وهو على الكوفة فقال أن امرأتى هذه شجتنى فقال لها أنت فعلت له قالت نعم غير متعمدة لذلك كنت أعالج طيبا فوقع الفهر من يدى على رأسه وليس عندى عقل ولا تقوى يدى على القصاص فقال عبد الرحمن للرجل يا هذا علام تحبسها وقد فعلت بك ما أرا قال أصدقتها أربعة آلاف درهم ولا تطيب نفسى بفراقها قال فإن أعطيتها لك أتفارقها قال نعم قال فهى لك قال هى طالق إذا فقال عبد الرحمن احبسى علينا نفسك ثم أنشأ يقول يا شيخ ويحك من دلاك بالغزل قد كنت يا شيخ عن هذا بمعتزل رضت الصعاب فلم تحسن رياضتها فاعمد لنفسك نحو الجلة الذلل الباب السابع في النوادب والتعازي والمراثى قال الحكماء أعظم المصائب كلها انقطاع الرجاء وقالوا كل شيء يبدو صغيرا ثم يعظم إلا المصيبة فإنها تبدو عظيمة ثم تصغر قيل لأعرابى ما بال المراثي أشرف أشعاركم قال لأننا نقولها وقلوبنا محترقة مع الفطن الذكية والألفاظ الشجية التى ترق القلوب القاسية وتذيب الدموع الجامدة مع النوادب المراثى والتعازى مع ابن عبد ربه في النوادب والتعازى المراثى قال أحمد بن محمد بن عبد ربه ونحن قائلون بعون الله في النوادب المراثى والتعازى بأبلغ ما وجدناه من الفطن الذكية والألفاظ الشجية التى ترق القلوب القاسية وتذيب الدموع الجامدة مع اختلاف النوادب عند نزول المصائب فنادبة تثير الحزن من ربضته وتبعث الوجد من رقدته بصوت كترجيع الطير وتقطع أنفاس المآتم يترك صدعا فى القلوب الجلامد ونادبة تخفض من نشيجها وتقصد فى نحيبها وتذهب مذهب الصبر والأستسلام والثقة بجزيل الثواب قال عمرو بن ذر سألت أبى ما بال الناس إذا وعظتهم بكوا وإذا وعظهم غيرك لم يبكوا قال يا بنى ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة وقال الأصمعة قلت الأعرابي ما بال المراثى أشرف أشعاركم قال لأننا نقلها وقلوبنا محترقة وقال الحكماء أعظم المصائب كلها انقطاع الرجاء وقالوا كل شيء يبدو صغيرا ثم يعظم إلا المصيبة فإنها تبدو عظيمة ثم تصغر البكاء على الميت لإبراهيم الشعبى عن إبراهيم قال لا يكون البكاء إلا من فضل فإذا اشتد الحزن ذهب البكاء وأنشد فلئن بكيناه لحق لنا ولئن تركنا ذاك للصبر فلمثله جرب العيون دما ولمثله جمدت فلم تجر الأحنف وباكية مر الأحنف بامرأة تبكى ميتا ورجل ينهاها فقال له دعها فإنها تندب عهدا قريبا وسفرا بعيدا النبي وباكيات من الأنصار ولما بكت نساء أهل المدينة على قتلى أحد قال النبى لكن حمزة لا باكية له ذلك اليوم فسمع ذلك أهل المدينة فلم يقم لهم مأتم إلى اليوم إلا ابتدأن فيه البكاء على حمزة وقال النبي لولا أن يشق على صفية ما دفنته حتى يحشر من حواصل الطير وبطون السباع القول عند الموت الرسول في قبضه حماد بن سلمة عن ثابت بن مالك قال كانت فاطمة جالسة عند رسول الله فتواكدت عليه كرب الموت فرفع رأسه وقال واكرباه فبكت فاطمة وقالت واكرباه لكربك يا ابتاه قال لا كرب على أبيك بعد اليوم فاطمة رضى الله عنها مع أبيها عند قبضه الرياشى عن عثمان بن عمر عن إسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت ما رأيت أحدا من خلق الله اشبه حديثا وكلاما برسول الله من فاظمة وكانت إذا دخلت عليه أخذ بيدها فقبلها ورحب بها وأجلسها في مجلسه وكان إذا دخل عليها قامت إليه ورحبت به وأخذت بيده فقبلتها فدخلت عليه فى مرضه الذى توفى فيه فأسر إليها فبكت ثم أسر إليها فضحكت فقلت كنت أحسب لهذه المرأة فضلا على النساء فإذا هى واحدة منهن بينما هم تبكى إذ هى تضحك فلما توفى الرسول سألتها فقالت أسر إلى فأخبرنى أنه ميت فبكيت ثم أسر إلى أنى أول أهل بيته لحوقا به فضحكت عائشة رضى الله عنها مع أبيها فى احتضاره القاسم بن محمد عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها دخلت على ابيها فى مرضه الذى مات فيه فقالت له يا أبت اعهد إلى خاصتك وأنفذ رأيك فى عامتك وانقل من دار جهازك إلى دار مقامك وإنك محضور ومتصل بقلبى لوعتك وأرى تخاذل اطرافك وانتقاع لونك فإلى الله تعزينى عنك ولديه ثواب حزنى عليك ارقأ فلا أرقأ وأشكو فلا أشكى فرفع راسه فقال يا بنية هذا يوم يحل فيه عن غطائى وأعاين جزائى إن فرحا فدائم وإن نوحا فمقيم إنى اضلعت بإمامة هؤلاء القوم حيث كان النكوص أضاعة والحذر تفريطا فشهيدى الله ما كان بقلبى إلا إياه فتبلغت بصحفتهم وتعللت بدرة لقحتهم وأقمت صلاى معهم لا مختالا أشرا ولا مكابرا بطرا لم أعد سدا لجوعة وتورية لعورة طوى ممغص تهفو له الأحشاء وتجب له الأمعاء واضطررت إلى ذلك اضطرار الجرض إلى المعيف الآجن فإذا أنا مت فردى إليهم صحفتهم ولقحتهم وعبدهم ورحالهم ودثارة ما فوقى اتقيت بها أذى البرد ودثارة ما تحتى اتقيت بها أذى الأرض كان حشوهما قطع السعف عمر وعائشة رضى الله عنهما مع أبى بكر فى احتضاره ودخل عليه عمر فقال يا خليفة رسول الله لقد كلفت القوم بعدك تعبا ووليتهم نصبا فهيهات من شق غبارك وكيف باللحاق بك وقالت عائشة وأبوها يغمض وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة للأرامل فنظر إليها وقال ذلك رسول الله ثم أغمى عليه فقالت لعمرك ما يغنى الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر قالت فنظر إلى كالغضبان وقال لى وجاءت سكرة المت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ثم قال انظروا ملاءتى فاغسولهما وكفنونى فيهما فإن الحى أحوج إلى الجديد من الميت لمعاوية فى النساء وقال معاوية وذكر عنده النساء ما مرض المرضى ولا ندب الموتى مثلهن الوقوف على القبور والقول عند الموت لفاطمة على قبر أبيها وقفت فاطمة رضى الله عنها على قبر أبيها فقالت إنا فقدناك فقد الأرض وابلها وغاب مذغبت عنا الوحى والكتب فليت قبلك كان الموت صادفنا لما نعيت وحالت دونك الكثب حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك قال لما فرغنا من دفن رسول الله اقبلت على فاطمة فقالت يا أنس كيف طابت أنفسكم أن تحثوا على وجه رسول الله التراب ثم بكت ونادت يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه من ربه ما أدناه يا أبتاه من ربه ناداه يا أبتاه إلى جبريل ننعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه قال ثم سكتت فما زادت شيئا عائشة رضى الله عنها على قبر أبى بكر ووقفت عائشة على قبر أبى بكر فقالت نضر الله وجهك وشكر لك صالح سعيك فقد كنت للدنيا مذلا بإدبارك عنها وكنت للآخرة معزا بإقبالك عليها ولئن كان أجل الحوادث بعد رسول الله رزؤك وأعظم المصائب بعده فقدك إن كتاب الله ليعد بحسن الصبر فيك وحسن العوض منك فأنا أتنجز موعود الله وأستعيض منك بالإستغفار لك فعليك السلام ورحمة الله توديع غير قالية لحياتك ولا زارية على القضاء فيك ثم انصرفت لعلى فى فاطمة المدائنى قال لما دفن على بن أبى طالب كرم الله وجهه فاطمة عليها السلام تمثل عند قبرها فقال لكل اجتماع من خليلين فرقة وكل الذى دون الممات قليل وإن افتقادى واحد بعد واحد دليل على ألا يدوم خليل امرأة الحسن على قبره لما مات الحسن بن على عليهما السلام ضربت امرأته فسطاطا على قبره وأقامت حولا ثم انصرفت إلى بيتها فسمعت قائلا يقول أدركوا ما طلبوا فأجابه مجيب بل ملوا فانصرفوا نائلة على قبر عثمان ابن الكلبى قال وقفت نائلة بنت الفرافصة الكلبية على قبر عثمان فترحمت عليه ثم قالت ومالى لا أبكى وتبكى صحابتى وقد ذهبت عنا فضول أبى عمرو ثم انصرفت إلى منزلها فقالت إنى رأيت الحزن يبلى كما يبلى الثوب وقد خفت أن يبلى حزن عثمان فى قلبى فدعت بفهر فهشمت فاها وقالت والله لا قعد منى رجل مقعد عثمان أبدا لأعرابية وقفت أعرابية على قبر أبيها فقالت يا أبت إن فى الله تبارك وتعالى من فقدك عوضا وفى رسول الله من مصيبتك أسوة ثم قالت اللهم نزل بك عبدك مقفرا من الزاد مخشوشن المهاد غنيا عما فى العباد فقيرا إلى ما فى يديك يا جواد وأنت أى رب خير من نزل به المؤملون واستغنى بفضله المقلون وولج فى سعة رحمته المذنبون اللهم فليكن قرى عبدك منك رحمتك ومهاده جنتك ثم انصرفت لأعرابية فى رثاء ابنها قال عبد الرحمن بن عمر دخلت على امرأة من نجد بأعلى الأرض فى خباء لها وبين يديها بنى لها نزل به الموت فقامت إليه فأغمضته وعصبته وسجنته وقالت يا بن أخى قلت ما تشائين قالت ما أحق من ألبس النعمة وأطيلت به النظرة أن لا يدع التوثق من نفسه قبل حل عقده والحلول بعفو ربه والمحالة بينه وبين نفسه قال وما يقطر من عينها دمعة صبرا واحتسابا ثم نظرت إليه فقالت والله ما كان ماله لبطنه ولا أمره لعرسه ثم أنشدت رحيب الذراع بالتى لا تشينه وإن كانت الفحشاء بها ذرعا لجارية على قبر أبيها سمع الحسن من جارية واقفة على قبر أبيها وهى تقول يا أبت مثل يومك لم أره قال الذي والله لم يرمثل يومه أبوك أبيات قيل إنها لأبى نواس وجد على قبر جارية إلى قبر أبى نواس ثلاثة أبيات فقيل إنها من قول أبى نواس وهى أقول لقبر زرته متلثما سقى الله برد العفو صاحبة القبر لقد غيبوا تحت الثرى قمر الدجى وشمس الضحى بين الصفائح والعفر عجبت لعين بعدها ملت البكا وقلب عليها يرتجى راحة الصبر أعرابية مات ابنها قيل لأعرابية مات ابنها ما أحسن عزاءك قالت إن فقدى إياه آمننى كل فقد سواه وإن مصيبتى به هونت على المصائب بعده ثم أنشأت تقول من شاء بعدك فليمت فعليك كنت أحاذر كنت السواد لناظرى فعمى عليك الناظر ليت المنازل الديا ر حفائر ومقابر إنى وغيرى لا محالة حيث صرت لصائر وقالت أعرابية ترثى ولدها يا فرحة القلب والأحشاء والكبد يا ليت أمك لم تحبل ولم تلد لما رأيتك قد أدرجت فى كفن مطيبا للمنايا آخر الأبد أيقنت بعدك أنى غير باقية وكيف يبقى ذراع زال عن عضد وقالت أعرابية أبنى غيبك المحل الملحد إما بعدت فأين من لا يبعد أنت الذى فى كل ممسى ليلة تبلى وحزنك فى الحشا يتجدد وقالت فيه لئن كنت لى لهوا لعين وقرة لقد صرت سقما للقلوب الصحائح وهن حزنى يومك مدركى وأنى غدا من أهل تلك الضرائح أبو عبيد البجلى قال وقفت أعرابية على قبر ابن لها يقال له عامر فقالت أقمت أبكيه على قبره من لى من بعدك يا عامر تركتنى فى الدار لى وحشة قد ذل من ليس له ناصر وقالت فيه هو الصبر والتسليم لله والرضا إذا نزلت بى خطة لا أشاؤها إذا نحن أبنا سالمين بأنفس كرام رجت أمرا فخاب رجاؤها فأنفسنا خير الغنيمة إنها تئوب ويبقى ماؤها وحياؤها ولا بر إلا مادون ما بر عامر ولكن نفسا لا يدوم بقاؤها هو ابنى أمسى أجره لى وعزنى على نفسه رب إليه ولاؤها فإن أحتسب أوجر وإن ابكه أكن كباكية لم يحى ميتا بكاؤها لهذلية فى رثاء إخوة وابن الشيبانى قال كانت امرأة من هذيل وكان لها عشرة إخوة وعشرة أعمام فهلكوا جميعا فى الطاعون وكانت بكرا لم تتزوج فخطبها ابن عم لها فتزوجها فلم تلبث أن اشتملت على غلام فولدته فنبت نباتا كأنما يمد بناصيته وبلغ فزوجته وأخذت فى جهازه حتى إذا لم يبق إلا البناء أتاه أجله فلم تشق لها جيبا ولم تدمع لها عين فلما فرغوا من جهازه دعيت لتوديعه فأكبت عليه ساعة ثم رفعت رأسها ونظرت إليه وقالت ألا تلك المسرة لا تدوم ولا يبقى على الدهر النعيم ولا يبقى على الحدثان غفر بشاهقة له أم رؤوم ثم أكبت عليه أخرى فلم تقطع نحيبها حتى فاضت نفسها فدفنا جميعا لشيبانية فى حزنها على أهلها خليفة بن خياط قال ما رأيت أشد كمدا من امرأة من بنى شيبان قتل ابنها وأبوها وزوجها وأمها وعمتها وخالتها مع الضحاك الحرورى فما رأيتها قط ضاحكة ولا متبسمة حتى فارقت الدنيا وقالت ترثيهم من لقلب شفة الحزن ولنفس مالها سكن ظعن الأبرار فانقلبوا خيرهم من معشر ظعنوا صبروا عند السيوف فلم ينكلوا عنها ولا جبنوا رثاء أخت النضر له قال ابن إسحق صاحب المغازى لما نزل رسول الله الصفراء وقال ابن هشام الأثيل أمر على بن أبى طالب بضرب عنق النضر بن الحارث بن كلدة بن علقمة بن عبد مناف صبرا بين يدى الرسول فقلت أخته قتيلة بنت الحارث ترثيه يا راكبا إن الأثيل مظنة من صبح خامسة وأنت موفق بلغ به ميتا فإن تحية ما إن تزال بها الركائب تخفق منى إليك وعبرة مسفوحة حادت بوكفها وأخرى تخنق هل يسمعنى النضر إن ناديته أم كيف يسمع ميت لا ينطق أمحمد يا خير ضنء كريمة من قومه والفحل فحل معرق ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق فالنضر أقرب من أسرت قرابة وأحقهم إن كان عنقا يعتق ظلت سيوف بنى أبيه تنوشه لله أرحام هناك تشقق صبرا يقاد إلى المنية متعبا رسف المقيد هو عان موثق عمر بن الخطاب والخنساء فى أخويها الأصمعى قال نظر عمر بن الخطاب إلى خنساء وبها نودب في وجهها فقال ما هذه الندوب يا خنساء قالت من طول البكاء على أخوى قال لها أخواك فى النار قالت ذلك أطول لحزنى عليهما إنما كنت أشفق عليهما من القتل وأنا اليوم أبكى لهما من النار وأنشدت تقول وقائلة والنفس قد فات خطوها لتدركه يا لهف نفسى على صخر ألا ثكلت أم الذين غدوا به إلى القبر ماذا يحملون إلى القبر عائشة والخنساء فى صدار كانت تلبسه دخلت خنساء على عائشة أم المؤمنين رضى الله تعالى عنها وعليها صدار من شعر قد استشعرته إلى جلدها فقالت لها ما هذا يا خنساء فوالله لقد توفى رسول الله فما لبسته قالت إن له معنى دعانى إلى لباسه وذلك أن أبى زوجنى سيد قومه وكان رجلا متلافا فأسرف فى ماله حتى أنفده ثم رجع فى مالى فأنفده ايضا ثم التفت إلى فقال إلى أين يا خنساء قلت إلى أخى صخر قالت فأتيناه فقسم ماله شطرين ثم خيرنا فى أحسن الشطرين فرجعنا من عنده فلم يزل زوجى حتى أذهب جميعه ثم التفت إلى فقال لى إلى أين يا خنساء فقلت إلى أخى صخر قالت فرحلنا إليه ثم قسم ماله شطرين وخيرنا فى أفضل الشطرين فقالت له زوجته أما ترضى أن تشاطرهم مالك حتى تخيرهم بين الشطرين فقال والله لا أمنحها شرارها فلو هلكت قددت خمارها واتخذت من شعر صدارها وهى حصان قد كفتنى عارها فآليت ألا يفارق الصدار جسدى ما بقيت من رثت زوجها قالت أسماء بنت أبى بكر ذات النطاقين رضى الله عنها ترثى زوجها الزبير بن العوام وكان قتله عمرو بن جرموز المجاشعى بوادى السباع وهو منصرف من وقعه الجمل وتروى هذه الأبيات لزوجته التى تزوجها بعد عمر بن الخطاب رضى الله عنه غدر ابن جرموز بفارس بهمة يوم الهياج وكان غير معرد يا عمرو لو نبهته لوجدته لا طائشا رعش الجنان ولا اليد ثكلتك أمك إن قتلت لمسلما حلت عليك عقوبة المتعمد لبانة زوجة الأمين ترثيه الهلالى قال تزوج محمد بن هارون الرشيد لبانة بنت على بن ريطة وكانت من اجمل النساء فقتل محمد عنها ولم يبن بها فقالت ترثيه أبكيك لا للنعيم والأنس بل للمعالى والرمح والفرس يا فارسا بالعراء مطرحا خانته قواده مع الحرس أبكى على سيد فجعت به أرملنى قبل ليلة العرس أم من لبر أم من لعائدة أم من لذكر الإله فى الغلس من للحروب التى تكون لها إن أضرمت نارها بلا قبس وقالت أعرابية ترثى زوجها كنا كغصنين فى جرثومة سمقا حينا بأحسن ما يسمو له الشجر حتى إذا قيل قد طالت فروعهما وطاب فيئاهى واستنظر الثمر أخنى على واحدى ريب الزمان وما يبقى الزمان على شيء ولا يذر كنا كأنجم ليل بينها قمر يجلو الدجى فهوى من دونها القمر الأصمعى وجارية على قبر زوجها الأصمعى قال دخلت بعض مقابر الأعراب ومعى صاحب لى فإذا جارية على قبر كأنها تمثال وعليها من الحلى والحلل مالم أر مثله وهى تبكى بعين غزيرة وصوت شجى فالتفت إلى صاحبى فقلت هل رأيت أعجب من هذا قال لا والله ولا أحسبنى أراه ثم قلت لها يا هذه إنى أراك حزينة وما عليك زى الحزن فأنشأت تقول فإن تسألانى فيم حزنى فإننى رهينة هذا القبر يا فتيان وإنى لأستحييه والترب بيننا كما كنت أستحييه حين يرانى أهابك إجلالا وإن كنت فى الثرى مخافة يوم أن يسوءك شانى ثم اندفعت فى البكاء وجعلت تقول يا صاحب القبر يا من كان ينعم بى بالا ويكثر فى الدنيا مواساتى قد زرت قبرك فى حلى وفى حلل كأننى لست من أهل المصيبات أردت آتيك فيما كنت أعرفه أن قد تسر به من بعض هيئاتى فمن رآنى رأى عبرى مولهة عجيبة الزى تبكى بين أموات وقال رأيت بصحراء جارية قد ألصقت خدها بقبر وهى تبكى وتقول خدى يقيك خشونة اللحد وقليلة لك سيدى خدى يا ساكن القبر الذى بوفاته عميت على مسالك الرشد أسمع أبثك علتى ولعلنى أطفى بذلك حرقة الوجد من رثى جاريته كان لمعلى الطائى جارية يقال لها وصف وكانت أديبة شاعرة فأخبرنى محمد بن وضاح قال أدركت معلى الطائى بمصر وأعطى بجاريته وصف أربعة آلاف دينار فباعها فلما دخل عليها قالت له بعتنى يا معلى قال نعم قالت والله لو ملكت منك مثل ما تملك منى ما بعتك بالدنيا وما فيها فرد الدنانير واستقال صاحبه فأصيب بها إلى ثمانية أيام فقال يرثيها يا موت كيف سلبتنى وصفا قدمتها وتركتنى خلفا هلا ذهبت بنا معا فلقد ظفرت يداك فسمتنى خسفا وأخذت شق النفس من بدنى فقبرته وتركت لى النصفا
صفحة ٢١١