سرور النفس بمدارك الحواس الخمس
محقق
إحسان عباس
الناشر
المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بناية برج الكارلتون - ساقية الجنزير ت: 312156 - 319586 - برقيا موكيالي - بيروت ص. ب: 11/ 5460 بيروت-لبنان
رقم الإصدار
1، 1980
عمليات البحث الأخيرة الخاصة بك ستظهر هنا
سرور النفس بمدارك الحواس الخمس
ابن منظور ت. 711 هجريمحقق
إحسان عباس
الناشر
المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بناية برج الكارلتون - ساقية الجنزير ت: 312156 - 319586 - برقيا موكيالي - بيروت ص. ب: 11/ 5460 بيروت-لبنان
رقم الإصدار
1، 1980
رادعا لشعاع ناظره ومفرقا له، فهو لا يبصر ليلا ولا نهارا، فلما علم ذلك واحتاج إلى الكسب والطعم التمس الوقت الذي لا يكون فيه من الظلام ما يكون قاهرا غالبا ولا من الضياء ما يكون معشيا مانعا، والتمس ذلك في وقت غروب الشمس وبقية الشفق، لأنه وقت هيج البعوض، وهو وقت ارتفاعها في الهواء وانتشارها وطلب أرزاقها. فالبعوض يخرج للطعم وطعمه دماء الحيوان، والخفافيش تخرج للطعم، فيقع طالب رزق على طالب رزق.
وزعموا (1) أن السك الآذان والممسوحة من جميع الحيوان أنها تبيض بيضا، وكل أشرف الآذان يلد ولا يبيض، ولا يدرى علة ذلك. ولآذان الخفافيش حجم ظاهر، وهي وإن كانت من الطير فإن هذا لها، وهي تحبل وتلد وتحيض وترضع. وزعم صاحب المنطق إن ذوات الأربع كلها تحيض على اختلاف في القلة والكثرة والزمان والخضرة والصفرة والغلظ والرقة، وليس في سائر الطير ما يحيض ولا يبيض إلا الخفافيش. وبلغ من ضن أنثى الخفافيش بولدها وخوفها عليه أنها تحمله تحت جناحها. وربما قبضت عليه بفيها قبضا رفيقا، وربما أرضعته وهي تطير، وتقوى من ذلك ويقوى ولدها على ما لا يقوى عليه الحمام وسباع الطير. وربما أتأمت الخفاش فتحمل معها الولدين جميعا، فإن عظما عاقبت بينهما.
ومن أعاجيب (2) الخفاش أنه من الطير وليس له منقار مخروط، وله فم فيما بين مناسر السباع وأفواه البوم. وفيه أسنان حداد صلاب مرصوفة من أطراف الحنك إلى أصول الفك إلا ما كان في نفس الخطم، وقد عرفت ذرب أسنانها فإذا عضت على الفرخ جعلته أزما لا عضا.
ومن أعاجيبها (3) تركها البراري والقفار وقصدها منازل الناس وأرفع مكان وأحصنه من البيوت فتوطنه، وأنها على ضؤولة جسمها طويلة العمر حتى تجوز حد العقاب والورشان إلى النسر، وتجوز حد الفيلة (4) والأسد وحمير الوحش إلى أعمار الحيات، وأن أبصارها تصلح على طول العمر فيقال أن التي يطرن في القمر من
صفحة ١٠٥