السمو الروحي الأعظم والجمال الفني في البلاغة النبوية

مصطفى صادق الرافعي ت. 1356 هجري
42

السمو الروحي الأعظم والجمال الفني في البلاغة النبوية

محقق

أبو عبد الرحمن البحيري وائل بن حافظ بن خلف

الناشر

دار البشير للثقافة والعلوم

رقم الإصدار

الأولى

طبع السخاء هو كمال طبع الخير في النفس الكريمة، فمن ألزم نفسه الجود والإنفاق راضها رياضة عملية كرياضة العضل بأثقال الحديد ومعاناة القوة في الصراع ونحوه؛ أما الشُّحُّ فلا يناقض تلك الطبيعة، ولكنه يدعها جامدة مستعصية لا تلين ولا تستجيب ولا تتيسر. وقد جعل الجبة من الثُّدِيِّ إلى التَّرَاقِي، وهذا من أبدع ما في الحديث؛ لأن كل إنسان فهو منفق على ضروراته، يستوي في ذلك الكريم والبخيل، فهما على قدر سواء من هذه الناحية؛ وإنما التفاوت فيما زاد وسبغ من وراء هذا الحد، فههنا يبسط الكريم بسطه الإنساني، أما البخيل فهو «يريد»؛ لأنه إنسان، والإرادة عمل عقلي لا أكثر، فإذا هو حاول تحقيق هذه الإرادة وقع من طبيعة نفسه الكزة (١) فيما يعانيه من يوسع جبة من

(١) الكزة: المنقبضة. ويقال: رجل كَزُّ اليدين، أي: بخيل.

1 / 46