254

السلوك لمعرفة دول الملوك

محقق

محمد عبد القادر عطا

الناشر

دار الكتب العلمية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨هـ - ١٩٩٧م

مكان النشر

لبنان/ بيروت

الْآخِرَة وسير الْكَامِل جمال الدّين الْكَاتِب الْأَشْرَف إِلَى الْبِلَاد الشرقية وَإِلَى الْخَلِيفَة فِي تسكين قُلُوب النَّاس وتطمين خواطرهم من انزعاجهم لأخذ الفرنج الْقُدس. وَفِي خَامِس جُمَادَى الأولى - وَهُوَ يَوْم الْأَحَد -: وَقعت الحوطة على دَار القَاضِي الْأَشْرَف أَحْمد بن القَاضِي الْفَاضِل وحملت خَزَائِن الْكتب جَمِيعهَا إِلَى قلعة الْجَبَل فِي سادس عشريه وَجُمْلَة الْكتب ثَمَانِيَة وَسِتُّونَ ألف مجلدة وَحمل من دَاره - فِي ثَالِث جُمَادَى الْآخِرَة - خشب خَزَائِن الْكتب مفصلة وَحملهَا تِسْعَة وَأَرْبَعُونَ جملا وَكَانَت الْجمال الَّتِي حملت الْكتب تِسْعَة وَخَمْسُونَ جملا ثَلَاث دفعات. وَفِي يَوْم السبت ثَانِي عشري رَجَب مِنْهَا: حملت الْكتب والخزائن من القلعة إِلَى دَار الْفَاضِل وَقيل إِن عدتهَا أحد عشر ألف كتاب وَثَمَانمِائَة وَثَمَانِية كتب وَمن جملَة الْكتب الْمَأْخُوذَة كتاب الأيك والغصون لأبي الْعَلَاء المعري فِي سِتِّينَ مجلدًا. وفيهَا وصل ملك ملطية فكثرت غاراته وَقَتله وسبيه. وفيهَا اشْتَدَّ تشنيع الْملك النَّاصِر دَاوُد بِدِمَشْق على عَمه الْملك الْكَامِل تَسْلِيمه الْقُدس للفرنج فنفرت قُلُوب الرّعية وَجلسَ الْحَافِظ شمس الدّين سبط ابْن الْجَوْزِيّ بِجَامِع دمشق وَذكر فَضَائِل بَيت الْمُقَدّس وحزن النَّاس على اسْتِيلَاء الفرنج عَلَيْهِ وبشع القَوْل فِي هَذَا الْفِعْل فَاجْتمع فِي ذَلِك الْمجْلس مَا لَا يُحْصى عدده من النَّاس وعلت أَصْوَاتهم بالصراخ وَاشْتَدَّ بكاؤهم وانشد الْحَافِظ شمس الدّين قصيدة أبياتها ثَلَاثمِائَة بَيت مِنْهَا: على قبَّة الْمِعْرَاج والصخرة الَّتِي تفاخر مَا فِي الأَرْض من صخرات

1 / 355