السلوك لمعرفة دول الملوك
محقق
محمد عبد القادر عطا
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨هـ - ١٩٩٧م
مكان النشر
لبنان/ بيروت
ضِيَاء الدّين نصر الله بن مُحَمَّد بن الأئير وفوض إِلَيْهِ أُمُوره كلهَا فَحسن لَهُ إبعاد أُمَرَاء أَبِيه وأكابر أَصْحَابه وَأَن يستجد أُمَرَاء غَيرهم ففارقه جمَاعَة مِنْهُم الْأَمر فَخر الدّين جهاركس وَفَارِس الدّين مَيْمُون القصري وشمس الدّين سنقر الْكَبِير وَكَانُوا عُظَمَاء الدولة فصاروا إِلَى الْملك الْعَزِيز بِالْقَاهِرَةِ فأكرمهم وَولى فَخر الدّين أستاداره وفوض إِلَيْهِ أمره وَجعل فَارس الدّين وشمس الدّين على صيداء وأعمالها وَكَانَ ذَلِك لَهما وزادهما نابلس وبلادها وَسَار القَاضِي الْفَاضِل أَيْضا من دمشق وَلحق بِالْقَاهِرَةِ فَخرج الْعَزِيز إِلَى لِقَائِه وَأجل قدومه وأكرمه فشرع الْقَوْم فِي تَقْرِير قَوَاعِد ملك الْعَزِيز وَالْأَفْضَل فِي شغل عَنْهُم وَكَانَت مَدِينَة الْقُدس مُضَافَة للأفضل فَكتب إِلَى أَخِيه الْعَزِيز يرغب عَنْهَا لَهُ. وَكَانَ ذَلِك من تَدْبِير وزيره ابْن الْأَثِير لِأَنَّهَا كَانَت تحْتَاج حِينَئِذٍ إِلَى أَمْوَال وَرِجَال لمدافعة الفرنج فسر الْعَزِيز بذلك وجهز عشرَة آلَاف دِينَار إِلَى عز الدّين جرديك النوري مُتَوَلِّي الْقُدس لينفقها فِي عَسْكَر الْقُدس فَخَطب لَهُ بِهِ. وخشي الْعَزِيز من نقض الهدنه بَينه وبن الفرنج فَبعث عسكرا إِلَى الْقُدس احْتِرَازًا من الفرنج. ثمَّ بدا للأفضل أَن يعود فِيمَا رغب عَنهُ لِأَخِيهِ من الْقُدس وَرجع عَن ذَلِك فَتغير الْعَزِيز من هَذَا وَأخذ الْأُمَرَاء فِي الإغراء بَينهمَا وحسنوا للعزيز الاستبداد بِالْملكِ وَالْقِيَام مقَام أَبِيه فَبلغ ذَلِك الْأَفْضَل.
1 / 229