153
فديتك ما في الناس مثلك عارف ... وإن كان فيهم من ذكي وحاذق خصصت بأسرار المرؤة دونهم ... فلا عجب إذ ذاك منحة رازق وأكثر أهل الدهر غدر بصحبهم ... تراهم كسهم مارق اثر مارق صحبتهم دهرًا فلم أر فيهم ... سوى غادر أو كاشح أو مماذق لك الفضل كل الفضل يا خير مفضل ... على الخلق طرًا لاحقًا بعد سابق وإن قابلت نعماك قوم لجهلهم ... بكفر فهم لا شك مرّ الذوايق بها ثم لا ترعي عهود مودة ... ولكنها ترعي وفور العلايق فلاقوا لباس الجوع والخوف والعنا ... بما صنعوا والعذر شر الطرايق فخذها ابن معصوم إليك قصيدة ... أتتك كعقد في مقلد عاتق تهني بنيروز جديد تجددت ... سعودك فيه شامخات السرادق قضيت بها فرضًا لشكرك فائتًا ... وشكرك مفروض على كل ناطق وأبرزتها من بحر فكري عندما ... تذكرت ما بين العذيب وبارق ودم راعيًا نرعي بأكناف ظله ... ونأمن فيه من شرور الطوارق السيد محمد بن عبد الله الموسوي المشهور بكبريت المدني مفرد جامع. وأديب ضوء أدبه لامع. نافست شمائله أنفاس الشمول والشمال. وقال من ظرفه وأدبه بجنتين عن يمين وشمال. كان لطيف قشرة العشره. تحسد تباشير الصباح بشره. لا تمل ندماؤه مجالسته. ولا تسأم أصحابه مؤانسته. إلى فصاحة ولسن. وتجمل بكل خلق حسن. تقنع بقناع القناعة والكفاف. واشتمل بابراد الصون والعفاف. سلك مسلك من نبذ الدنيا ورآه ظهره. ورضى منها بمسالمة خطوب دهره. ورام انتحال مذهب أهل الحال. فتكلم بعضهم في اعتقاده. ونقل عنه فلتات أشعرت بخفى الحاده. وكانت له اليد الطولى في جميع نوادر الأدب. وانسل إلى تقييد شوارد النكت من كل حدب. وله في ذلك مؤلفات وسام. كأنها في فم الدنيا ابتسام. منها رحلة الشتاء والصيف. ونصر من الله وفتح قريب. ومحك الدهر. وكتاب المباهج. ورشح البال. بشرح البال. وغير ذلك إلا أنه لم يكن له في سائر العلوم. رسوخ قدم معلوم. أخبرني الوالد بسماعه عنه أن أستاذه خالف في تعليمه النظام. وطفر به طفرة النظام. فنقله من الأجرومية إلى الكشاف. وأبدله النشاف من الارتشاف. وله شعر انتظم به في سلك من نظم فمنه ما أنشده لنفسه في رحلته مادحًا شيخ الاسلام بالقسطنطينية يحيى بن زكريا الذي ألف الرحلة باسمه قوله الجود بالجاه فوق الجود بالمال ... فكيف بالجود بالأمرين في الحال وذاك فيمن سما قدرًا ومرتبة ... وخص باليمن في حال وفي قال حبر العلوم ومن أضحت براعته ... تهدى إلى الحق في حل وترحال مولي الموالي ومن أولاه خالقه ... من المكارم مجدًا غير رحّال كنز العفاة ومختار الآله على ... هداية الخلق من مشهود اضلال وأكمل الناس من ألفاظه درر ... مغنى العفاة بهتان وهطال صدر الشريعة محييها بهمته ... وصرف فكر فما احياء غزّال من أفصحت نغمات الكون قائلة ... لما رأت من علاه أيّ اجلال لا زال يجنى بيحيى الفضل ما طلعت ... كواكب السعد من آفاق اقبال فيا عزيزًا علت في المجد همته ... وعاد قصاده منه بإفضال العبد يشكر ما أوليت من منن ... ويسأل الله يعلى قدرك العالي لا زلت في دولة تسمو شوامخها ... بذكرك الطهر ما حققت آمالي وقوله موريًا في عبد الرحمن العشاقي قد قلت للمجد من تهوى تواصله ... فكلنا لك ذو وجد وأشواق فقال لي بلسان غير معتذر ... لا أشتهي أن أوافي غير عشاقي وقوله وإذا جلست مع الرجال وأشرقت ... في جو باطنك المعاني الشرد فاحذر مناظرة الجهول فربما ... تغتاظ أنت ويستفيد فيجحد وقوله يا من يؤمل راحة من دهره ... صبرًا على ما رمت من خطب عسر

1 / 153