انتهى جواب مولانا القاضي. أدام الله به بين الخصوم التراضي. ثم إن مولانا القاضي المشار إليه. أسبغ الله فيض فضله عليه. أشرفني على ما كتب به إليه المقام العظيم. من ذلك الدر النثير والنظيم. فإذا هو قد رفع لعبده فيه ذكرًا. وقلد منه جيدًا ونجرا. وقرنه بشهاب الفضائل المشرق في سمائها بدرا. السامي رتبة وقدرا. وكان مولانا المقام الشريف. والمرام المنيف. حيث أغار على عبده تلك الاغارة. ولم يترك له من ذلك المعنى إلا اختراعه وابتكاره. وأظهر بالنص الجلي قصوره وعواره. قصد أن يطفيء حره وأواره. بما وقع به من الايماء إلى عبده والاشاره. التي أنشد المملوك نفسه عندها لك البشاره. وإلا فإني يبلغ الضالع شأ والضليع. أو يجاري من يبرز كلام ابن حجر في ذلك القالب البديع. وكم ترك الأول للآخر. وليس من يمتص مصة الوشل من جعفر كمن يعترف من بحر زاخر. ثم طرق الفضلا ذلك المعنى. وقرعوا باب ذلك المغني فمنهم من لج وولج. ومنهم من صعد وعرج. ومنهم من لم يحظ بالولوج، فضلًا عن العروج. فكان ممن بلغ تلك الغايه. وأضحى عرابة تلك الرايه. مولانا الكامل بحره. المتحلي بعقود الفضائل نحره. العالم العلامه. العمدة الفهامه. القاضي يحيى شرف الدين ابن السيد عمر الحسيني الهاشمي المكي الخلوتي القاضي بمكة المشرفه. فنظم أربعة أبيات. فقال
أفدي كعوبًا ذات حسن ناهدًا ... قد صاغها الباري بأجمل هيكل
خطرت بهيكل قدها وبهيكل ... في جيدها الباهي السني المتهلل
بين الغواني المبدعات بحسنها ... وجمالها مهدي الجمالة للحلي
وتقول عجبًا بينهن ورقةً ... هل هيكل في الحسن يحكي هيكلي
قال مؤلف الكتاب انتهى ما أردت نقله من تذكرة القاضي المذكورة والهيكل غلاف من الفضة يتخذ للتعاويذ وأنشدني الوالد لنفسه في ذلك
خود جلا الأنوار نور جبينها ... والفرع منها كالبهيم الأليل
تزهو بجيد الريم إلا إنه ... هادٍ إلى الوجه المنير الأجمل
قالت لصبٍ قد تزايد وجده ... من صدها بتعززٍ وتذلل
انا نزهة الأبصار ذاتًا فاجتل ... مني محاسن قد حواها هيكلي
وأنشدني لنفسه في المعنى أيضًا
خود جلالي وجههابدرًا منيرًا معتلىقالت لمدنف هجرها
بتعزز وتذللٍانا نزهة الأبصار ذاتام والبها بي يعتلي
ومحاسن الدنيا جميعًا م ... قد حواها هيكلي
رجع: ومن انشاء السيد المذكور ما كتبه مراجعًا به بعض أصحابه وذلك سنة اثنتين وعشرين وألف: ورد الكتاب المحتوي على وجيز المعاني. المغني عن الروضة والأغاني. المشار إليه بالبنان في البيان والمعاني. كيف لا وهو في حديث المطارحة لمالك النظم والنثر. والمنهاج الذي عرفت الأدباء له من الأزهار النثر. فكان تذكرة الأشجان. وتسلية الأحزان. فهمت لما فهمت. وفتنت لما فطنت. وأنشدت
وما كان تأخير الجواب سآمةً ... ولكن لتنعيم الجوارع في المرج
فزهرٌ لجان شنف سمع وأذفر ... لشم وللرائين ما قمر الكرج
فلله درك من بحر فاض بالفوائد والفرائد. وأغنى بعرائس فكره عن عرائس الخرائد لاكبا كميتك في مضمار. ولا شق له في حلبته غبار. ومن جيد شعره قوله
حنت فأبكت ذات شكل حنون ... وغنت الورق بأعلى الغصون
وهينمت مسكية ذيلها ... عطره نشر طوى والحجون
وشق برد الليل برقٌ فما ... ظننته إلا حسام الجفون
كأنه مذ شق قلب الدجى ... جبين ليلي في دياجي القرون
فقمت كالهادر في شجوه ... لم أدر ما بي فرح أم جنون
وأرسل الدمع نجيعًا على ... خدي فيجري أعينًا من عيون
فلم أخل نومًا ولا مجثمًا ... وموقدًا أو علمًا في دمون
الا وبات الناعم الفرش لي ... شوكًا ومبسوط الروابي حزون
فالبرق نوحي في الربى رعده ... والورق من شعري تجيد اللحون
عهدي بها كانت كناس الظبى ... وغابة الأُسد حماة الظعون
حتى غدا من بعدهم ربعها ... مستقفرًا جارت عليه السنون
1 / 14