هذه أحاديث من مسموعاتي عوالي بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ستة رجال خرجتها رجاء المثوبة والأجر ، وابتغاء البركة والخير ، إذ كل إسناد فيه الإنسان إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقرب ، فالتبرك به والتصدي لروايته أصوب ، لكن على شرط أن تكون رواته مأمونين معروفين ، وبالثقة والعدالة موصوفين ، فكم من حديث يظهر لغير نقاده أنه عال لقرب إسناده ، والإعراض عما توهمون أعلى من التعرض له أولى لحديث الأشج ، عن علي بن أبي طالب ، وحديث خراش ، عن أنس بن مالك ، وما شاء كل ذلك من النسخ الضعيفة عن حفاظ الآثار ، وإنما يكتبونها للمعرفة بها والاعتبار ، وعلى أن الذي أوردناه نحن ها هنا أيضا فلا يقطع له بالصحة لكنه أحسن من غيره في الجملة ، وليس العلو في الحديث قرب الإسناد بك كما ذكره ابن المبارك صحة الرجال فإن اجتمعا في خير فناهيك به رفضه وشديد بك به عدة وعمده لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : " خير الناس قرني ثم الذين يلونهم " ، وفي حديث آخر عنه : " لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس " وعلى مقتضى هذين القولين وموجب الخبرين من أدرك إسنادا عاليا في الصغر رجى عند الشيخوخة والكبر أن يكون من قرن أفضل من القرن الذي هو فيه ، ومن القرن الذي يأتي بعده ويليه ، وسنورد هذا المعنى من بعد بالإسناد فعلى الإسناد كل الاعتماد ، وأيضا فكما أن الرواية عن الصحابي أجل وأجمل من الرواية عن التابعي لرؤيته النبي صلى الله عليه وسلم ، فكذا الرواية عن التابعي أجل وأجمل من الرواية عن تابع التابعي لرؤيته الصحابي ، وعلى هذا فليقس من القرب إلى رسول رب العالمين صلى الله عليه وعلى آله وأجمعين ، وليعلم ذلك يقينا وقطعا وليجتهد في طلب العلم كتابة وجمعا ، قد خرج جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه من المدينة وهو من أجلاء الصحابة إلى مسلمة بن مخلد وهو بمصر في حديث واحد بلغه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقتنع بالسماع عمن بلغه إياه ، مع وثوقه وعدالته عنده إذ لو لم يكن المبلغ ثقة عنده عدلا لم يخرج بقوله من المدينة إلى مصر ، وروى عن سعيد بن المسيب سيد التابعين أنه قال : إن كنت لأسند الأيام والليالي في الحديث الواحد ، وقال محمد بن أسلم الطوسي وهو العالم الرباني : قرب الإسناد قرب إلى الله عز وجل .
1- وأخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي الفارسي بمصر ، أنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن الناصح بن المفسر الدمشقي ، ثنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي المروزي ، نا ابن رشيد ، نا الوليد بن مسلم ، عن عبد الله بن العلاء ، حدثني عبد الله بن عامر اليحصبي ، عن واثلة بن الأسقع ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني ، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني وصاحبني ، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رأى من رآني وصاحبني " .
2- وأخبرنا أبو القاسم علي بن عيسى المصري ، بها ، أنبا عبد الله بن محمد بن شجاع الفقيه الشافعي ، نا أبو علي إسماعيل بن قيراط العذري ، ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ، نا الوليد ، ثنا عبد الله بن العلاء ، عن عبد الله بن عامر اليحصبي ، قال : سمعت الليثي واثلة بن الأسقع ، يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول : " لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصاحبني ، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رآني وصاحبني ، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأى من رأى من رآني وصاحبني " .
صفحة ٣